للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وله حرف واحد وهو لا الجازمة فى قولك: لا تفعل، وهو كالأمر فى الاستعلاء) لأنه المتبادر إلى الفهم ...

===

تقدم ما فيه فى الأمر

(قوله: وله حرف واحد) أى: لا حرفان، ولو قال: وله صيغة واحدة كان أحسن؛ ليفيد أنه ليس له صيغة أخرى، كما أنه ليس له حرف آخر

(قوله: لا الجازمة فى قولك لا تفعل) أى: فى قولك ابتداء لا تفعل، واحترز بذلك عن لا النافية التى تجزم إذا صلح قبلها كى نحو: جئته لا يكن له علىّ حجة، وربطت الفرس لا تنفلت، وأوثقت العبد لا يفر، فليست من حروفه خلافا لمن قال: إنها من حروفه، بناء على أنها من جنس حرف الجزم، وإن كان معناها النفى، وإلى الجزم بها فى تلك الحالة ذهب ابن مالك وولده، ووجهه الفراء بأن الجزم على تأويل إن لم أوثقه يفر، وإن لم أربطها تنفلت، وخالف الخليل وسيبويه وسائر البصريين فى ذلك، وقالوا: بوجوب الرفع، وقول المصنف: لا الجازمة أى: لفظا أو محلا نحو: لا تفعلن يا زيد، ولا تضربن يا هندات

(قوله: وهو كالأمر فى الاستعلاء) أى: فكما أن صيغة الأمر موضوعة لطلب الفعل استعلاء، كذلك صيغة النهى موضوعة لطلب الترك استعلاء، وقول الشارح: لأنه أى: الاستعلاء المتبادر للفهم أى: والتبادر أمارة الحقيقة؛ لأنه ناشىء عن كثرة الاستعمال، فإذا كان بلا قرينة دل على الحقيقة، واعلم أن صيغة النهى اختلافا كالاختلاف فى صيغة الأمر من كونها موضوعة لطلب الترك الجازم وهو الحرمة، أو الغير الجازم وهو الكراهة، أو القدر المشترك بينهما: وهو طلب الترك استعلاء فيشمل التحريم والكراهة، والأول: هو قول الجمهور، والأخير: هو قول المصنف وهو كالأمر فى الاستعلاء، وأما لفظ نهى فمدلول الصيغة التى تستعمل للتحريم والكراهة اتفاقا، وقيد المصنف التشبيه بالأمر بالاستعلاء ليفيد أنه ليس فيه ما قيل فى الأمر بالنسبة إلى الفور والتكرار، فإن النهى للفور والتكرار جزما؛ لأنه لدفع المفسدة، فعلى هذا إذا قيل: لا تشرب الخمر لا يعد ممتثلا للنهى إلا إذا كف فى الحال، فلو شرب بعد النهى، ثم كف لا يكون ممتثلا لعدم الفور الذى اقتضاه النهى، والمراد بتكرار الكف دوامه، فإذا عاد بعد الكف لا يكون ممتثلا، وقال السكاكى: الأشبه أن النهى والأمر إن وردا لقطع الواقع

<<  <  ج: ص:  >  >>