للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وقد يستعمل فى غير طلب الكف) عن الفعل؛ كما هو مذهب البعض (أو) طلب (الترك) كما هو مذهب البعض، فإنهم اختلفوا فى أن مقتضى النهى كف النفس عن الفعل ...

===

كأن يقال للمتحرك: أسكن، أو لا تتحرك كان مدلولهما المرة، وإن وردا لاتصاله فمدلولهما الاستمرار كأن يقال للمتحرك: تحرك، أو لا تسكن، ومحصله أن كلا من الأمر والنهى المطلق لا دلالة له على شىء من التكرار وعدمه، بل كل منهما مفوض إلى القرينة، فإن كان المراد منهما معا قطع الفعل الواقع فى الحال كانا للمرة، وإن كان المراد منهما اتصال الفعل الواقع كانا للاستمرار والدوام فى جميع الأزمنة التى يقدر المكلف عليها، وما قاله خلاف التحقيق، والتحقيق عندهم الأول

(قوله: وقد يستعمل) أى:

النهى بمعنى صيغته، وحاصله أن صيغة النهى قد تستعمل فى غير ما وضعت له على جهة المجاز: كالتهديد والدعاء والالتماس، واختلف فيما وضعت له فقيل: إنها وضعت لطلب كف النفس بالاشتغال بأحد أضداده، وقيل: إنها وضعت لطلب ترك الفعل أى: لطلب عدمه

(قوله: فى غير طلب الكف) الإضافة للعهد أى: الطلب الذى مع الاستعلاء السابق بأن يكون لا طلب أصلا، أو طلب بدون استعلاء، وقوله: كما هو أى: طلب الكف عن الفعل مذهب البعض أى: كما هو معناه الأصلى على مذهب البعض: وهم الأشاعرة، فإنهم يقولون: إن مدلول النهى: طلب الكف عن الفعل استعلاء، فمتعلقه أن المطلوب به فعل هو كف النفس عن الفعل، وكلامه يقتضى أن النهى حقيقة فى الطلب المذكور الأعم من التحريم والكراهة، كما اقتضى كلامه سابقا أن الأمر حقيقة فيما يعم الإيجاب والندب، والجمهور على أن النهى حقيقة فى التحريم، والأمر حقيقة فى الإيجاب

(قوله: كما هو) أى: طلب الترك مذهب البعض أى: كما هو المعنى الأصلى للنهى على مذهب البعض: وهو أبو هاشم الجبائى وكثير من المعتزلة، فيقولون: إن مدلول النهى طلب عدم الفعل فمتعلقه أى: المطلوب به هو عدم الفعل المعبر عنه بالترك، واستدل الأولون وهم الأشاعرة بأن عدم الفعل نفى محض وهو غير مقدور للمكلف ولا يكلف إلا بالأفعال لكونها المقدورة للشخص، وبأن عدم الفعل مستمر من الأزل فلا يكون أثرا

<<  <  ج: ص:  >  >>