للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظهرت الفائدة؛ أعنى: حصول معانى هذه الحروف، بخلاف الواو فإنه لا يفيد إلا مجرد الاشتراك، ...

===

وأما" حتى" فإن قلنا إنها لا تعطف إلا المفردات فهى فيها لعطف الجزء على الكل، ولا يكون ذلك الجزء إلا غاية فى الرفعة، " كمات الناس حتى الأنبياء" أو فى الدناءة" كرزق الناس حتى الكافرون" وهذا المعنى أخص من مطلق الاجتماع فى الحكم فهو كاف فيها، فلا يطلب جامع آخر، وإن قلنا إنها يعطف بها الجمل أيضا، فمضمون الجملة المعطوفة يجب أن يوجد فيه ما روعى فى المفرد، فيكفى فى الإفادة، وذلك واضح.

وأما" لا" فهى لنفى الحكم عما بعدها ولا يكون إلا مفردا، أو بمنزلته، فإذا قلت" جاء زيد لا عمرو" أفاد نفى المجىء الثابت لزيد عن عمرو، وذلك كاف فى حسن الكلام وانتظامه، فلا يطلب فيه شىء آخر بشهادة الاستعمال والذوق.

وأما" أو" و" إما" التى بمعناها عند مصاحبة الواو فمعانيهما المعلومة كافية فى الإفادة من الشك، والإبهام، والتخيير، والتقسيم، والإباحة سواء فى ذلك الجمل، والمفردات؛ لأن المعنى المراعى فيهما واحد فى الأمرين، وإذا استعملت" أو" مثلا للإضراب فهى لاستئناف كلام آخر، لا عاطفة كما فى قوله تعالى كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ (١) فتخرج عن هذا الباب.

وأما" لكن" فهى لإثبات الضد وذلك كاف فى الحسن كما تقدم فى" لا" وكذا" بل" حيث كانت عاطفة فهى فى الجمل لتقرير مضمونها وفى المفردات لتقرير الحكم بعد الإثبات والأمر ولإثبات الضد بعد النفى والنهى وذلك كاف بشهادة الاستعمال والذوق.

(قوله: ظهرت الفائدة) أى ولا يتوقف ظهورها على شىء آخر، حتى أنه يشترط لصحة العطف

(قوله: إلا مجرد الاشتراك) أى اشتراك المتعاطفين فى موجب


(١) النحل: ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>