للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويسمى الفصل لذلك قطعا، مثاله:

وتظنّ سلمى أنّنى أبغى بها ... بدلا أراها فى الضّلال تهيم) (١)

فبين الجملتين مناسبة ظاهرة لاتحاد المسندين؛ لأن معنى: [أراها]: أظنها، وكون المسند إليه فى الأولى محبوبا، وفى الثانية محبا ...

===

(قوله: ويسمى الفصل) أى: ترك العطف، وقوله أى لأجل كون العطف موهما، أو لأجل دفع الإيهام، وقوله قطعا: مفعول يسمى الثانى، والأول نائب الفاعل الذى هو الفصل، ووجه تسميته بالقطع إما لقطعه لتوهم خلاف المراد، وإما لأن كل فصل قطع فيكون من تسمية المقيد باسم المطلق

(قوله: مثاله) أى: مثال الفصل لدفع الإيهام المسمى بالقطع وعبر بالمثال دون الشاهد لأجل قوله: ويحتمل الاستئناف؛ لأن الاحتمال لا يضر فى المثال ويضر فى الشاهد

(قوله: أبغى بها بدلا) الباء للمقابلة فما قيل: إنها بمعنى عنها متعلق بمحذوف حال من بدلا، والمعنى: اطلب بدلا عنها تكلف مستغنى عنه

(قوله: أراها) بصيغة المجهول شاع استعماله بمعنى الظن، وأصله أرانى الله إياها تهيم فى الضلال ثم بنى للمجهول، وحينئذ فالضمير المستتر فى أراها الذى هو نائب الفاعل مفعول أول، والهاء مفعول ثان، وجملة تهيم مفعوله الثالث، وإنما جعل الشاعر ضلالها مظنونا مع أن المناسب دعوى اليقين؛ لأنه إذا علم فساد ظنها به هذا الأمر كان متحققا لفساد ظنها رعاية لمقابلة الظن بالظن أو للتأدب عن نسبة الضلال إليها على طريق اليقين

(قوله: تهيم) يقال: هام على وجهه يهيم هيما وهيمانا ذهب فى الأرض من العشق وغيره

(قوله: فبين الجملتين) أى: الخبريتين أعنى قوله: وتظن سلمى، وقوله أراها فى الضلال تهيم، وحاصل كلامه أن هاتين الجملتين بينهما مناسبة لوجود الجهة الجامعة وهى الاتحاد بين مسنديهما وهو تظن وأرى؛ لأن معنى أرى أظن وشبه التضايف بين المسند إليه فيهما وهو ضمير تظن وأراها المستتر فيهما، فإن الأول عائد على سلمى وهى محبوبة، والثانى عائد على الشاعر وهو محب، وكل من المحب والمحبوب يشبه أن يتوقف تعقله على تعقل الآخر، إلا أنه ترك العطف لمانع، واعترض على الشارح فى قوله:


(١) البيت لأبى تمام، أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ٢٩/ ٢ غير منسوب، والمفتاح ص ٢٦١، ومعاهد التنصيص ١/ ٢٧٩، والمصباح ص ٥٨، وعقود الجمان ص ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>