للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن ترك العاطف لئلا يتوهم أنه عطف [أبغى] فيكون من مظنونات [سلمى] (ويحتمل الاسئناف) كأنه قيل: ...

===

فبين الجملتين مناسبة ظاهرة بأن هذا ينافى ما تقدم له من أن الوصل يقتضى مغايرة ومناسبة، والمناسبة لا تناسب كمال الانقطاع ولا شبهه، وأجيب بأن المناسبة التى لا تناسبه هى المصححة للعطف بخلاف التى معها الإيهام المنافى للعطف فيصح وجودها فيه

(قوله: لكن ترك العاطف لئلا يتوهم أنه) أى: الجملة الثانية وذكر الضمير باعتبار أنها كلام، وحاصله أنه لو عطف جملة أراها على جملة تظن سلمى لكان صحيحا، إذ لا مانع من العطف عليه، إذ المعنى حينئذ أن سلمى تظن كذا وأظنها كذا، وهذا المعنى صحيح ومراد للشاعر، إلا أنه قطعها ولم يقل: وأراها لئلا يتوهم السامع أنها عطف على أبغى، وحينئذ يفسد المعنى المراد، إذ المعنى حينئذ أن سلمى تظن أننى أبغى بها بدلا وتظن أيضا أننى أظنها أيضا تهيم فى الضلال وليس هذا مراد الشاعر؛ لأن مراده أننى أحكم على سلمى بأنها أخطأت فى ظنها أنى أبغى بها بدلا ويدل على أن مراده ما ذكر قوله قبل ذلك:

زعمت هواك عفا الغداة كما عفا ... عنها طلال باللوى ورسوم (١)

فإن قلت هذا التوهم باق بعد القطع؛ لأنه يجوز أن يكون أراها خبرا؛ لأن بعد خبر أو حالا أو بدلا من أبغى ففى كل من الفصل والوصل إيهام خلاف المراد، وحينئذ فلا يتجه تعليل الفصل بإيهام الوصل- خلافه- قلت: هذا مدفوع؛ لأن الأصل فى الجمل الاستقلال، وإنما يصار إلى كونها فى حكم المفرد إذا دل عليه الدليل على أن الشيخ عبد القاهر نص على أن ترك العطف بين الجمل الواقعة أخبارا لا يجوز- أفاده المولى عبد الحكيم.

(قوله: ويحتمل) أى: قوله أراها فى البيت المذكور الاستئناف أى: كما يحتمل أن يكون غير استئناف وعلى هذا الاحتمال فتكون من شبه كمال الاتصال، والحاصل أن جملة أراها فى الضلال يحتمل أن تكون غير استئناف بأن يقصد الإخبار بها كالتى قبلها من غير تقدير سؤال تكون جوابا عنه فيكون المانع من العطف هو الإيهام السابق،


(١) البيت لأبى تمام أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ١٢٩، غير منسوب والمفتاح ص ٢٦١، ومعاهد التنصيص ١/ ٢٧٩، والمصباح ص ٥٨، وعقود الجمان ص ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>