الحديث- أى: الكلام- عنه، فبنى الفعل للمجهول بعد حذف الفاعل وإقامة المفعول به مقامه، فصار بإعادة اسم ما استؤنف عنه الحديث، ثم حذف المفعول الذى له الأصالة بالنيابة وهو الحديث اختصارا لظهور ذلك المراد، ولما حذف ذلك المفعول نزل الفعل منزلة اللازم، فأنيب المجرور أو المصدر المفهوم من استؤنف بتأويل استؤنف بأوقع كما قال الشارح
(قوله: فحذف المفعول) أى: فى الأصل الأول الذى هو نائب فاعل فى هذا الأصل الثانى وهو لفظ الحديث
(قوله: منزلة اللازم) أى: بالنسبة للمفعول الصريح حيث قطع النظر عن ذلك المفعول واقتصر على المفعول بالواسطة وهو قوله عنه
(قوله: نحو أحسنت أنت إلى زيد) أشار الشارح بأنت إلى أن التاء فى أحسنت تاء الخطاب لا تاء المتكلم، فالمعنى حينئذ نحو قولك: المخاطب قد أحسن إلى زيد: أحسنت إلى زيد، وإنما جعل الشارح التاء للخطاب مع أنه يصح جعلها للمتكلم للتناسب مع أحسنت فى المثال الآتى؛ لأنه يتعين أن تكون الثانية للخطاب، وإلا لقال صديقى القديم وأيضا لا معنى لتعليل إحسان المتكلم إلى زيد فى المثال الثانى بصداقته للمخاطب إلا بعد اعتبار أمر خارج عن مفاد الكلام كصداقة المخاطب للمتكلم أو قرابته له، ثم إن المقصود من هذا الكلام أعنى قولك: أحسنت إلى زيد إعلام المخاطب بأنه وقع الإحسان منه بالقياس إلى زيد لتقرير الإحسان السابق واستجلاب الإحسان اللاحق لا إفادة لازم الفائدة- كما قيل، حتى يكون معنى الكلام: إنى أعلم إحسانك إلى زيد، ويكون السؤال المقدر الواقع من المخاطب سؤالا عن سبب علمه، ويكون الجواب عنه بأنى أعلم ذلك؛ لأنه حقيق بالإحسان، أو لأنه صديق لك؛ لأن هذا مع بعده عن الفهم يرد عليه أن العلم بكونه حقيقا بالإحسان لا يستلزم العلم بإحسان المخاطب إليه، ثم إن فعل المخاطب الأمر الحسن مع زيد إنما يتحقق كونه إحسانا إذا كان زيد محلا للإحسان؛ لأن الفعل الحسن فى غير موقعه إساءة، فإذا كان زيد محلا للإحسان، وقلت لمخاطبك الذى صدر منه الإحسان له: أحسنت إلى زيد يتجه السؤال منه عن سبب