للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.

===

كون زيد محسنا إليه أو عن أهليته للإحسان، فالمخاطب بعد تصديقه للمتكلم فى قوله:

أحسنت إلى زيد مصدق بكون زيد محسنا إليه لسبب، إلا أنه تارة يكون جاهلا بنفس السبب طالبا لتصوره فيكون السؤال المقدر: لماذا أحسن إليه على صيغة الماضى المبنى للمجهول؟ أى: لأى سبب صار محسنا إليه، وتارة يكون عالما بأسباب كونه محسنا إليه ككونه فى نفسه حقيقا بالإحسان وكونه صديقا للمخاطب وهو السائل أو قريبا له، أو غير ذلك جاهلا بتعيينه، فيطلب تعيين السبب، فيكون السؤال المقدر هل هو حقيق بالإحسان؟ والجواب على التقديرين زيد حقيق بالإحسان من غير إشارة إلى سبب استحقاقه، أو صديقك القديم أهل لذلك مع بيان سبب استحقاقه، إلا أنه على التقدير الأول يكون مقصود السائل تصور السبب المعين والتصديق به تابع له حاصل بالعروض، وعلى التقدير الثانى يكون مقصود السائل أولا وبالذات التصديق بالسبب الحامل، وأما تصوره فحاصل بالعروض.

بقى شىء آخر وهو أنه على التقدير الثانى يستحسن التأكيد فى الجواب لكون السائل مترددا فى تعيين السبب؛ لأن السؤال عن السبب الخاص بخلاف السؤال الأول وهو لماذا أحسن إليه؟ فإنه سؤال عن السبب المطلق، والجواب أن كلام المصنف فى نفس الاستئناف وكونه على وجهين وأن الوجه الثانى أبلغ من الأول، وأما استحسان التأكيد على التقدير الثانى وعدمه على التقدير الأول فخارج عما نحن فيه، وبما حررناه ظهر لك اندفاع اعتراض العلامة السيد بأن المخاطب أعلم بسبب فعله الاختيارى، وحينئذ فلا معنى لسؤاله من الغير وهو المتكلم عن سبب إحسانه؛ وذلك لأن السؤال المقدر الواقع من المخاطب سؤال عن كون زيد محسنا إليه لا عن كون المخاطب محسنا، وإذا علمت اندفاع ذلك الاعتراض تعلم أنه لا حاجة لما أجيب به من الجوابين اللذين أولهما أن السائل لا يتعين أن يكون المخاطب، بل سامع آخر وثانيهما أن السائل هو المخاطب ولكن السؤال للتقرير لا للاستفهام، وظهر لك أيضا مما قلناه أن تقدير السؤال لماذا أحسن إليه؟ أو هل هو حقيق بالإحسان؟ يصح مع كل من الجوابين اللذين

<<  <  ج: ص:  >  >>