للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعناها: أن يفرض ما كان فى الزمان الماضى واقعا فى هذا الزمان فيعبر عنه بلفظ المضارع.

(وإن كان) الفعل مضارعا (منفيا ...

===

(قوله: ومعناها) أى: معنى حكاية الحال أن يفرض إلخ، وإنما يرتكب هذا الفرض فى الأمر الماضى المستغرب كأنه يحضره للمخاطب ويصوره ليتعجب منه كما تقول:

رأيت الأسد فآخذ السيف فأقتله، ثم إن قوله فيعبر عنه بلفظ المضارع هذا بالنظر إلى المثال الذى كلامه فيه، لا أن مطلق حكاية الحال الماضية هكذا، إذ قد يكون التعبير عن الماضى بلفظ اسم الفاعل من قبيل حكاية الحال كما صرحوا به فى قوله تعالى: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ (١) ولذا عمل باسط فى المفعول مع أنه يشترط فى إعمال اسم الفاعل كونه بمعنى الحال أو الاستقبال، وبالجملة ليس معنى حكاية الحال الماضية أن اللفظ الذى فى ذلك الزمان يحكى الآن على ما تلفظ به كما فى قولهم دعنا من تمرتان، بل المقصود حكاية المعنى بأن يفرض الفعل الواقع فى الزمان الماضى واقعا الآن، ثم يعبر عنه بالمضارع أو باسم الفاعل، هذا وذكر الأندلسى أن معنى حكاية الحال الماضية أن تقدر نفسك كأنك موجود فى الزمان الماضى أو يقدر ذلك الزمان كأنه موجود الآن، لكن ما ذكره الشارح مأخوذ من كلام صاحب الكشاف حيث قال: معنى حكاية الحال الماضية أن تقدر أن ذلك الأمر الماضى واقع فى حال التكلم كما فى قوله تعالى: قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ (٢) واستحسنه الرضى.

(قوله: فيعبر عنه بلفظ المضارع) أى: الدال على الحضور؛ لأنه يدل فى الأصل على أن المعنى موجود حال التكلم- اه ابن يعقوب، وهذا موافق للقول بأن المضارع حقيقة فى الحال مجاز فى الاستقبال.

(قوله: وإن كان منفيا) عطف على معنى قوله: والفعل مضارع مثبت؛ لأنه فى معنى قولنا: فإن كان الفعل مضارعا مثبتا، (وقوله: منفيا) أى: بغير لن؛ لأن الجملة المنفية بها لا تقع حالا؛ لأن لن تخلص الفعل للاستقبال، والجملة الحالية لا تصدر بعلم الاستقبال للتنافى بحسب الظاهر.


(١) الكهف: ١٨.
(٢) البقرة: ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>