للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله:

فإنّك كالليل الذى هو مدركى ... وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع)

أى: موضع البعد عنك ذو سعة، شبهه فى حال سخطه وهوله بالليل.

===

أحاط به ووصف المكر بالسيئ: إيماء إلى أن بعض المكر ليس سيئا كما فى قوله تعالى: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ (١) لأن مكر الله جزاء السيئ، وجزاء السيئ ليس سيئا.

اه.

كذلك مكر المقاتل المجاهد فى حال التحرف والتحيز، وبهذا يندفع قول ابن السبكى فى العروس اعتراضا على المصنف: إن الآية من قبيل الإطناب؛ لأن السيئ زيادة، إذ كل مكر لا يكون إلا سيئا

(قوله: وقوله) أى: النابغة الذبيانى فى مدح أبى قابوس وهو النعمان بن المنذر ملك الحيرة حين غضب عليه وقد كان من ندمائه وأهل أنسه فمدحه بأن مطروده لا يفر منه ولو بعد فى المسافة؛ لأن له أعوانا فى كل محل قرب أو بعد يأتون به إليه فمتى ذهب لمكان أدركه كالليل

(قوله: وإن خلت) (٢) أى: ظننت والمنتأى بالنون الساكنة والتاء المفتوحة والهمزة المفتوحة الممدودة محل الانتياء وهو البعد مأخوذ من انتأى عنه أى: بعد فهو اسم مكان، وعليه فلا يتعلق به الجار والمجرور؛ لأن اسم المكان لا يعمل ولا فى الظرف على الصحيح، وحينئذ فعنك متعلق بواسع لتضمنه معنى البعد، وظاهر كلام الشارح أنه متعلق بالمنتأى حيث قال أى: موضع البعد عنك ذو سعة، وأجيب بأنه حل معنى، أو على رأى من جوز عمله فى الظرف.

(قوله: ذو سعة) فيه نظر؛ لأن الموصوف بالسعة إنما هو المسافة التى بين المخاطب وموضع البعد الذى هو مقام المتكلم فكيف يوصف بها ذلك المكان؟ وأجيب بأن وصفه بها باعتبار وصف تلك المسافة التى لها به تعلق فهو من باب المجاز المرسل الذى علاقته التعلق

(قوله: شبهه) أى: شبه الشاعر الممدوح، (وقوله: فى حال سخطه) أى: عليه وهو له أى: تخويفه له، وهذا تقييد للمشبه فهو بيان لحالته أى: شبه السلطان


(١) آل عمران: ٥٤.
(٢) البيت للنابغة فى ديوانه ص ٥٦، ولسان العرب (طور)، (نأى) وكتاب العين ٨/ ٣٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>