للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل فى الآية: حذف المستثنى منه، وفى البيت: حذف جواب الشرط فيكون كل منهما إيجازا لا مساواة؛ وفيه نظر؛ لأن اعتبار هذا الحذف رعاية لأمر لفظى لا يفتقر إليه فى تأدية أصل المراد، حتى لو صرح به لكان إطنابا، بل تطويلا.

===

حال كونه فى تلك الحالة وليس هذا بيانا لوجه الشبه؛ لأن وجه الشبه عموم الأماكن وبلوغه كل موطن فى أسرع لحظة، وأشار الشارح بما ذكره لدفع ما يقال: إن المقام مقام مدح والمناسب له التشبيه بالأمر اللطيف فهلا شبهه بالصبح، وحاصل الجواب أن الشاعر إنما قصد تشبيهه حال كونه فى هذه الحالة وهذه إنما يناسبها التشبيه بالليل ولو قصد تشبيهه حال كونه فى غير هذه الحالة لقال كأنك كالصبح؛ لأن المناسب للمدح التشبيه بالأشياء اللطيفة- كذا قرر شيخنا العدوى.

(قوله: حذف المستثنى منه) أى: لأن المعنى لا يحيق المكر السيئ بأحد إلا بأهله

(قوله: حذف جواب الشرط) أى: لأن التقدير وإن خلت أن المنتأى عنك واسع أى:

فأنت مدرك لى فيه وجعل جواب الشرط محذوفا بناء على مذهب البصريين من أن الجواب لا يتقدم

(قوله: وفيه) أى: فى هذا القيل

(قوله: لأن اعتبار هذا الحذف) أى: فى الآية والبيت

(قوله: رعاية لأمر لفظى) المراد بالأمر اللفظى ما لا يتوقف إفادة المعنى عليه فى الاستعمال، وإنما جر إلى تقديره مراعاة القواعد النحوية الموضوعة لسبك تراكيب الكلام وسمى ذلك أمرا لفظيا لعدم توقف تبادر المعنى المقصود على تقديره.

(قوله: لا يفتقر إليه إلخ) أى: لأن معنى المستثنى منه مفهوم من الكلام، وكذلك الجزاء معناه مفهوم من المصراع الأول

(قوله: إطنابا) أى: إن كان لفائدة

(قوله: بل تطويلا) أى: إن لم يكن فيه فائدة أصلا، والمراد بالتطويل التطويل بالمعنى اللغوى أى: الزائد لا لفائدة وإن كان متعينا، فاندفع ما يقال: إن الأولى أن يقول بل حشوا؛ لأن الزائد متعين، والحاصل أن ما جرى عرف الاستعمال بالاستغناء عنه بلا قرينة خارجة عن ذلك الكلام المأتى به يكون تقديره مراعاة للقواعد المتعلقة باللفظ، فلا يكون حذفه إيجازا، والمستثنى منه والجواب مستغنى عنهما فى ذلك التركيب غير محتاج إليهما فى الإفادة فلا يكون حذفهما إيجازا، وما جرى العرف بذكره بحيث لا يستغنى عنه فى نفس التركيب إلا بقرينة خارجية يكون حذفه إيجازا للحاجة إليه فى المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>