للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى المفرد) قدم الفصاحة على البلاغة ...

===

إضافة الموصوف لصفته، أى: الفاء المفصحة أو المفضحة. سميت بذلك؛ لأنها أفصحت عن شرط مقدر، أو لكونها أفضحته وأظهرته، وقيل: فاء الفصيحة هى: ما أفصحت عن مقدر مطلقا. أى: سواء كان شرطا أو غيره كما فى قوله تعالى: فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ (١) أى فضرب فانفجرت

(قوله: فى المفرد) يصح أن يكون صفة للفصاحة كان المتعلق نكرة أو معرفة، ولا يلزم على تقديره نكرة وصف المعرفة بالنكرة وهو لا يجوز؛ لأن (أل) فى الفصاحة جنسية ومدخولها فى حكم النكرة، ولا يلزم على تقديره معرفة حذف الموصول وبعض الصلة وهو لا يجوز؛ لأن الكائن المقدر يراد منه الثبوت والدوام، فهو صفة مشبهة و (أل) الداخلة عليها معرفة لا موصولة على التحقيق، ولا يصح أن يكون ذلك الظرف حالا منها على مذهب سيبويه القائل بجواز مجىء الحال من المبتدأ؛ لأن الحال مقيدة للعامل مطلقا لفظيا أو معنويا، ولا معنى للتقييد هنا لأن التقييد إنما هو لشيء يختلف حاله، كالمجىء فى قولنا: جاء زيد راكبا، والابتداء واحد لا تختلف أحواله، وأيضا المقصود تفسير الفصاحة بوصف كونها فى المفرد لا بقيد تحققها فى المفرد، إذ ليس المعنى على التقييد، وإن كان المآل واحدا، لكن فرق بين التقديرين كما لا يخفى؛ وذلك لأن التقييد يقتضى أن الفصاحة مشتركة اشتراكا معنويا؛ لأنه يفيد أن الفصاحة أمر كلى تختلف أحواله: تارة يكون فى المفرد، وتارة يكون فى غيره، والذى حققه الشارح أنها من قبيل المشترك اللفظى، وجعل المجرور صفة لا يخالف ذلك تأمل، ويصح أن يكون الظرف لغوا متعلقا بالنسبة التى اشتملت عليها الجملة، والمعنى انتساب الخلوص المذكور للفصاحة فى المفرد، أو الفصاحة التى هى الخلوص منسوبة للمفرد. وقضية هذا أن الظرف معمول للنسبة المذكورة، وهو معنى قابل للتقييد.

وهذا يرد على حصر النحاة العامل المعنوى فى الابتداء والتجرد.

(قوله: قدم الفصاحة) أى: قدم تعريف أقسامها على تعريف أقسام البلاغة، مع أن اللف والنشر المشوش أولى


(١) البقرة: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>