للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتوقف معرفة البلاغة على معرفة الفصاحة لكونها مأخوذة فى تعريفها، ثم قدم فصاحة المفرد على فصاحة الكلام والمتكلم لتوقفهما عليها (خلوصه) أى: خلوص المفرد (من تنافر الحروف والغرابة ...

===

(قوله: لتوقف معرفة البلاغة) أى: إدراكها وتصورها من حيث المفهوم سواء كانت بلاغة متكلم أو كلام. وقوله: على معرفة الفصاحة أى: على تصورها فى الجملة، وإنما قلنا فى الجملة؛ لأن بلاغة الكلام لا تتوقف على فصاحة المتكلم، بل على فصاحة الكلام والمفرد، وكذلك بلاغة المتكلم لا تتوقف على فصاحته من حيث المفهوم، بل على فصاحة الكلام والمفرد إذ لم تؤخذ الملكة التى يقتدر بها على تأليف فصيح لا فى بلاغة الكلام ولا فى بلاغة المتكلم. نعم تتوقف عليها بلاغة المتكلم بحسب التحقق، إذ لا يقتدر على تأليف كلام بليغ إلا من يقدر على تأليف كلام فصيح.

(قوله: لتوقفهما عليها) أما توقف فصاحة الكلام على فصاحة المفرد فبلا واسطة، لكونها مأخوذة فى تعريفه، وأما توقف فصاحة المتكلم على فصاحة المفرد، فبواسطة أخذ فصاحة الكلام المتوقف عليها فى فصاحة المتكلم والمتوقف على المتوقف على الشيء متوقف على ذلك الشيء، كذا قال يس. وقد يقال: المصنف لم يأخذ فصاحة الكلام فى تعريف فصاحة المتكلم، بل اللفظ الشامل للمفرد كما نبه عليه الشارح فيكون توقف فصاحة المتكلم على فصاحة المفرد بلا واسطة أيضا

(قوله: خلوصه من تنافر الحروف) قيل: أوجه حصر مخلات فصاحة المفرد فى الثلاثة أن المفرد له مادة، وهى حروفه وصورة وهى صيغته، ودلالة على معناه، وحينئذ فعيبه إما فى مادته وهو التنافر، أو فى صورته وهى مخالفة القياس الصرفي، وفى دلالته على معناه وهو الغرابة، ويمكن إجراء ذلك أيضا فى الكلام، فعيبه فى مادته تنافر الكلمات، وفى صورته أى: التأليف العارض على الكلمات ضعف التأليف، وفى دلالته على معناه التعقيد

(قوله: خلوصه من تنافر الحروف) المراد من الخلوص لازمه وهو عدم الاتصاف، وليس المراد أنه كان متصفا بها أولا، ثم خلص؛ ثم إن كلام المصنف من باب السلب الكلى وهو المسمى بعموم السلب، لا من قبيل رفع الإيجاب الكلى وهو المسمى بسلب العموم، فالمعنى حينئذ عدم اتصافه بكل واحد من

<<  <  ج: ص:  >  >>