(وأدلته كثيرة؛ منها: أن يدل العقل عليه) أى: على الحذف (والمقصود الأظهر على تعيين المحذوف، نحو: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ (١)) فالعقل دل ...
===
الحذف اقتصارا بأن يحذف لا لدليل فقد أثبتوا حذفا لا لدليل. قلت: أجاب ابن السبكى فى العروس بأن عبارة النحاة المذكورة عبارة مختلة، أو اصطلاح لا مشاحة فيه، والحق أنه لا حذف فيه، بل صار قاصرا، وإنما يسمونه حذفا اعتبارا بالفعل قبل جعله قاصرا. ا. هـ كلامه.
(قوله: وأدلته كثيرة) اعلم أن كثرتها من حيث الدلالة على تعيين المحذوف، وأما دليل الحذف فشىء واحد وهو العقل، وحينئذ فيرد على المصنف أن الكلام فى دليل الحذف لا فى دليل التعيين فلا وجه للجمع والوصف بالكثرة- قرره شيخنا العدوى. وقد يجاب بأنه لما كان كل ما دل على التعيين يدل على الحذف وإن كان العقل وحده قد يدل على الحذف ولو لم يوجد الدليل الآخر المفتقر إليه فى الدلالة على التعيين صح التعبير بالجمع والوصف بالكثرة
(قوله: منها أن يدل العقل إلخ) إنما أتى بمن إشارة إلى أن هناك أدلة أخرى لم يذكرها كالقرائن اللفظية وهى الأغلب وقوعا والأكثر وضوحا ولهذا لم يتكلم عليها
(قوله: والمقصود الأظهر) أى: وأن يدل المقصود الأظهر أى: وأن يدل كون الشىء مقصودا بحسب العرف فى الاستعمال ظاهرا عن غيره من المرادات لتبادره للذهن على عين ذلك المقدر، فالدال فى الآية على خصوص تقدير لفظ التناول كون التناول مقصودا بحسب العرف فى استعمال هذا الكلام وكونه ظاهرا لتبادره للذهن والمدلول هو لفظ التناول، فاختلف الدال والمدلول ولو لم يؤول الكلام، بل جعل الدال على تعيين المحذوف نفس المقصود الأظهر لزم اتحاد الدال والمدلول؛ لأن المقصود الأظهر فى الآية نفس التناول- قرره شيخنا العدوى.
(قوله: فالعقل دل إلخ) ظاهره أن العقل هو الدال على الحذف وليس كذلك، بل المراد بكون العقل دالّا على الحذف أنه مدرك لذلك بالدليل القاطع من غير توقف على قرائن، وحينئذ فالعقل مستدل لا دليل والدليل عدم تصور تعلق الحرمة بالأعيان؛ لأن الحرمة