للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلها سواد، فإذا ماتا بدا بياضها، وإنما شبهها بالجزع؛ وفيه سواد وبياض بعد ما موتت، والمراد كثرة الصيد؛ يعنى: مما أكلنا كثرت العيون عندنا؛ كذا فى شرح ديوان امرئ القيس؛ ...

===

(قوله: كلها سواد) أى: بحسب الظاهر وإن كانت لا تخلو فى نفس الأمر من بياض لا يظهر إلا بعد الموت

(قوله: بدا) هو بالقصر بمعنى ظهر أى: ظهر بياضها الذى كان غطى بالسواد زمن حياتها فأشبهت الجزع وفى كلامه إشارة إلى أن البياض فى حال الحياة موجود فيها فى الواقع إلا أنه خفى كما قلنا

(قوله: وإنما شبهها) أى: العيون

(قوله: وفيه سواد وبياض) جملة حالية

(قوله: بعد ما موتت) أى: ماتت وهذا ظرف لقوله شبهها، أى: أن تشبيهه العيون بالجزع، والحال أن فيه السواد والبياض لا يصح إلا بعد الموت لأجل أن يتم وجه الشبه، وقرر بعض الأشياخ أنه يصح قراءة موتت بفتح الميم والواو على صيغة المبنى للفاعل بمعنى صارت ميتة وبضم الميم وكسر الواو على صيغة المبنى للمفعول أى: موتها الغير، وأما قول بعضهم: إنه على الوجه الأول يكون معناه كثر موتها؛ لأن صيغة التفعيل تأتى للتكثير ففيه تأمل

(قوله: مما أكلنا) متعلق بقوله بعد ذلك كثرت، وحاصله أنهم كانوا يصطادون الوحش كثيرا ويأكلونها ويطرحون أعينها حول أخبيتهم فصارت أعينها بتلك الصفة

(قوله: كذا فى شرح ديوان امرئ القيس) أى: خلافا لمن زعم أن المراد من البيت أن الوحش الفهم لطول سفرهم واستقرارهم فى الفيافى فلا تفر منهم فتظهر أعينها بتلك الصفة حول أخبيتهم، ورد هذا القول بأن عيون الظباء حال حياتها سود فلا تشبه الخرز اليمانى الذى فيه سواد وبياض، بقى شىء آخر لا بد من التنبيه عليه وهو أن قوله فى رأسه نار، وقوله الذى لم يثقب كل منهما ذكر لإفادة معناه على أنه وصف لما قبله كسائر النعوت التى تراد لمعانيها، وليس معنى كل منهما مستفادا مما قبله، فإن كان الإتيان بالنعت عند الحاجة إليه مساواة فهذان منه وإلا لزم كون النعت إطنابا إن كان لفائدة أو تطويلا إن لم يكن لفائدة، ويلزم كون سائر الفضلات كذلك، وأجيب بأن النعت وشبهه من سائر الفضلات إن أتى به لإفادة المعنى الذى وضع له فقط وكان مدركا للأوساط من الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>