للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هذا التفسير يختص الإيغال بالشعر (وقيل: لا يختص بالشعر) بل هو ختم الكلام بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها.

(ومثل) لذلك فى غير الشعر (بقوله تعالى: قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (١)) فقوله: وَهُمْ مُهْتَدُونَ مما يتم المعنى بدونه؛ لأن الرسول مهتد لا محالة إلا أن فيه زيادة حث على الاتباع

===

كان مساواة وإن أتى به لمعنى دقيق مناسب للمقام لا يدركه إلا الخواص ولا يستشعره إلا أهل الرعاية لمقتضيات الأحوال كالمبالغة فى التشبيه المناسبة فى قوله: فى رأسه نار كان إطنابا، ولا نسلم أن ما أتى به للإطناب يجب أن يكون مستفادا مما قبله، بل إذا أتى بالشىء لمعناه وفيه دقة فى المقام مناسبة لا يأتى به لأجلها الأوساط من الناس، وإنما يتفطن له البلغاء وأهل الفطنة وقصد الإتيان به لذلك كان إطنابا، ولو أوجبنا فى الإطناب أن يكون معناه مدلولا لما قبله خرج كثير مما أوردوه فى هذا الباب عن معنى الإطناب، وبهذا يجاب عن كل ما كان من هذا النمط مما يذكره المصنف بعد

(قوله: فعلى هذا التفسير) أعنى قول المصنف ختم البيت بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها.

(قوله: وقيل لا يختص بالشعر) الباء داخلة على المقصور عليه أى: أن الإيغال ليس مقصورا على الشعر، بل يتعداها لغيره

(قوله: بل هو ختم الكلام) أى: سواء كان شعرا أو نثرا

(قوله: مما يتم المعنى بدونه) أى: بدون التصريح به كما هو المناسب للتعليل، وليس المراد أنه يتم المعنى بدونه رأسا

(قوله: لأن الرسول مهتد لا محالة) أى:

وحينئذ فيكون قوله وَهُمْ مُهْتَدُونَ تصريحا بما علم التزاما، وقد يقال: كما أن الرسول مهتد غير طالب للأجر لا محالة ينبغى أن يجعل المثال مجموع قوله اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ

(قوله: إلا أن فيه) أى: فى التصريح به

(قوله: زيادة حث على الاتباع) أى: فالنكتة فى الإيغال الكائن فى هذه الآية زيادة الحث على الاتباع، وأما أصل الحث والترغيب فقد حصل بقوله اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ لدلالته على اهتدائهم وطلب اتباعهم، وإنما كان قوله: وهم مهتدون مفيدا لزيادة الحث على الاتباع من جهة


(١) يس: ٢١، ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>