للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالمبالغة؛ نحو: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ (١) فى وجه) وهو أن يكون الضمير فى حُبِّهِ للطعام (أى) يطعمونه (مع حبه) والاحتياج إليه. وإن جعل الضمير لله تعالى؛ أى يطعمونه على حب الله تعالى فهو لتأدية أصل المراد.

===

وخفوق قلبى لو رأيت لهيبه ... يا جنّتى لوجدت فيه جهنّما (٢)

فحصل بقوله يا جنتى وزن القافية مع اشتماله على الطباق الحسن، ولو قال: يا منيتى لكان مستهجنا

(قوله: كالمبالغة) أى: فى المدح الذى سيق لأجله الكلام

(قوله: نحو ويطعمون إلخ) أى: نحو قوله تعالى فى مدح الأبرار بالكرم وإطعام الطعام

(قوله: فى وجه) أى: وإنما يكون زيادة الفضلة التى هى المجرور هنا من المبالغة فى وجه مذكور فى الآية

(قوله: مع حبه) أى: مع حبهم له واشتهائهم إياه، وظاهره أن على بمعنى مع.

(قوله: والاحتياج إليه) من عطف العلة على المعلول أى: الناشئ ذلك الحب عن احتياجهم إليه، ولا شك أن إطعام الطعام مع الاحتياج إليه أبلغ فى المدح من مجرد إطعام الطعام؛ لأنه يدل على النهاية فى التنزه عن البخل المذموم شرعا، والحاصل أن القصد من الآية مجرد مدح الأبرار بالسخاء والكرم، ولا شك أن هذا يكفى فيه مجرد الإخبار عنهم بأنهم يطعمون الطعام سواء كانوا يحبونه أولا ولا يتوقف ذلك على بيان كون الطعام محبوبا لهم، وحينئذ فقوله عَلى حُبِّهِ إطناب نكتته إفادة المبالغة فى المدح على ما بينا، وما قيل فى هذه الآية يقال أيضا فى قوله وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ

(قوله: وإن جعل الضمير لله) أى: وجعلت على للتعليل

(قوله: على حب الله) أى: لأجل حب الله لا لرياء ولا سمعة وإن كان حبهم للطعام حاصلا على ذلك الوجه؛ لأن الشأن حبه لكنه غير ملحوظ

(قوله: فهو) أى: الجار والمجرور لتأدية أصل المراد وهو مدحهم بالسخاء والكرم؛ لأن الإنسان لا يمدح شرعا إلا على فعل لأجل الله وإذا كان الجار والمجرور على هذا الوجه لتأدية أصل المراد كان مساواة لا إطنابا فلا يكون تتميما، وقد يقال هذا يقتضى أن إطعام الطعام إذا لم يقصد به وجه الله بأن كان جبلة وغفل عن


(١) الإنسان: ٨.
(٢) البيت لأبى الطبيب المتنبى فى الإيضاح ص ١٩٨ بتحقيقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>