للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والدعاء فى قوله:

===

نفسه أكثر من علمه وظنه بأمور غيره. قلت: أجيب بأجوبة ثلاثة: الأول: أن هذا إنما يراد إذا جعل الظرف لغوا متعلقا بالجعل بمعنى الاختيار فإن جعل مستقرا والجعل بمعنى التصير أى: يصيرون البنات مستحقة لله وما يشتهون من البنين مستحقا لهم فلا؛ لأن الامتناع إذا كان الضميران معمولين لفعل واحد لا إذا كان أحدهما معمولا لمعموله، وكذلك إذا كان الجعل بمعنى الاعتقاد؛ لأن الفعل حينئذ قلبى. الثانى: أن محل الامتناع فيما إذا لم يكن أحد الضميرين مجرورا فإن كان مجرورا جاز ذلك بدليل قوله تعالى: وَهُزِّي إِلَيْكِ (١)؛ لأنه يتوسع فى الجار والمجرور والظرف ما لا يتوسع فى غيره. الثالث: أن محل الامتناع فى غير المعطوف فإن كان أحد الضميرين معطوفا جاز ذلك؛ لأنه يغتفر فى التابع ما لا يغتفر فى المتبوع وأحد الضميرين هنا مجرور ومعطوف واعترض الجوابان الأخيران بأن تعليل المنع السابق يقتضى المنع مطلقا حتى فى هاتين الصورتين لوجود علة المنع فيهما، وأجيب بأن وجود علة المنع فيهما لا يستلزم المنع؛ لأنهما مستثنيان للمعنى السابق فإن قلت لم لم تجعل جملة وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ حالية بأن يكون التقدير ويجعلون لله البنات، والحال أن لهم ما يشتهون من البنين، وحينئذ فلا تكون الآية من قبيل الاعتراض؟ قلت: جعلها حالية لا يفيد التشنيع عليهم المستفاد من العطف المؤكد بالتنزيه؛ وذلك لأن المعنى حينئذ أنهم اعتقدوا النقص فى حال كونهم موصوفين بالكمال وليس فيه إلا أنهم لم يقوموا بحق شكر سيدهم حيث تكلموا بالباطل ونسبوا له ما هو غير كامل مع أنه جعلهم بحالة الكمال من الأولاد وليس فى هذا من الشناعة ما فى نسبتهم ما هو غير كامل لسيدهم ونسبتهم ما هو كامل لأنفسهم؛ لأن المراد بجعلهم البنين لأنفسهم نسبتهم أنفسهم لاستحقاق البنين

(قوله: والدعاء) أى: المناسب للحال

(قوله: فى قوله) (٢) أى: قول عوف بن محلم الشيبانى يشكوا ضعفه فى قصيدته التى قالها لعبد الله بن طاهر، وكان قد دخل عليه فسلم عليه عبد الله فلم يسمع؛ فأعلم بذلك فدنا منه وأنشده هذه القصيدة وأولها:


(١) مريم: ٢٥.
(٢) الأبيات لعوف بن محلم الشيبانى أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>