للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيانا للأول، أو تأكيدا، أو بدلا (كالتنزيه فى قوله تعالى: وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ (١)) فقوله [سبحانه] جملة- لأنه مصدر بتقدير الفعل- وقعت فى أثناء الكلام؛ لأن قوله: وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ عطف على قوله: لِلَّهِ الْبَناتِ.

===

بيان اتصال الكلامين من قوله أن يكون الثانى بيانا للأول أو تأكيدا أو بدلا أى: أو عطفا، فإن المراد بذلك الجملة التى ليست فى قوة المفر كما سيظهر من التمثيل كذا فى حاشية شيخنا الحفنى

(قوله: بيانا للأول) قضيته أن عطف البيان يكون فى الجمل ويوافقه ما مر فى الفصل والوصل وفى المغنى فى الباب الرابع فيما افترق فيه عطف البيان والبدل أن البيان لا يكون جملة بخلاف البدل

(قوله: أو بدلا) أى: أو نحو ذلك كأن يكون الكلام الثانى معطوفا على الأول كما فى قوله تعالى: إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ (٢) فإن قوله: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى اعتراض بين قوله: إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى، وبين قوله وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ، وفى بعض النسخ ثبوت قوله أو نحو ذلك

(قوله: كالتنزيه إلخ) مثال للنكتة التى هى غير دفع الإيهام والاعتراض فى الآية المذكورة واقع فى أثناء الكلام لا بين كلامين كما يأتى بيانه

(قوله: وَيَجْعَلُونَ) أى: المشركون

(قوله: بتقدير الفعل) أى: بفعل مقدر من معناه أى: أنزهه سبحانه أى: تنزيها.

(قوله: عطف على قوله لله البنات) أى: من قبيل عطف المفردات فلهم عطف على لله وما يشتهون عطف على البنات، وقد تقدم أن أثناء الكلام يشمل ما بين المتعاطفين، ثم إن العامل في المعطوف هو العامل فى المعطوف عليه فالضمير المجرور باللام معمول ليجعل على أنه مفعول وفاعله الواو والضميران لشىء واحد أى: يجعلون لله البنات ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون من الذكور، فإن قلت عمل الفعل فى ضميرين لشىء واحد أحدهما فاعل والآخر مفعول ممنوع فلا يقال ضربتنى؛ وذلك لأن عمله فيهما على أن أحدهما فاعل والآخر مفعول يوهم تغايرهما نظرا للغالب من مغايرة الفاعل للمفعول، إلا فى أفعال القلوب فإنه يجوز فيها ذلك لعدم الإيهام السابق؛ لأن علم الإنسان وظنه بأمور


(١) النحل: ٥٧.
(٢) آل عمران: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>