للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما فى قولنا: " العلم كالحس" فى كونهما إدراكا (أو مختلفان) بأن يكون المشبه عقليا، والمشبه به حسيا (كالمنية والسبع) فإن المنيّة؛ أى: الموت عقلىّ؛ لأنه عدم الحياة عما من شأنه الحياة، والسبع حسىّ، أو بالعكس (و) ذلك (مثل: العطر) الذى هو محسوس مشموم (وخلق كريم) ...

===

العلم والحياة الملابسة لمطلق الإدراك، وملابسة مطلق الإدراك لا شرف فيه لوجوده فى البهائم، فلا يثبت شرف العلم مع كونه هو المقصود من التشبيه

(قوله: كما فى قولنا) تشبيه فى النفى، أى: فى كما أن الفائدة التى فى قولنا: " العلم كالحس" أى: كالإحساس وهو الإدراك بالحاسة ليست كبيرة

(قوله: فى كونهما إدراكا) أى: فى كون كلّ إدراكا، فالجامع مطلق الإدراك (قوله كالمنيّة والسبع) أى: حيث يشبه الأول بالثانى بأن يقال: المنية كالسبع فى اغتيال النفوس، أى: والسبع حسىّ، والسبع بفتح الباء وضمها وسكونها: المفترس من الحيوان باعتبار إدراك أفراده بالحاسة، وإلا فالسبع أمر كلىّ فيكون معقولا أو جعل ذلك الأمر الكلىّ محسوسا باعتبار انتزاعه من الجزئيات المحسوسة

(قوله: لأنه عدم الحياة) أى: ولا شك أن هذا العدم أمر عقلىّ لا يدرك بالحواس، وجعله الموت عدميّا هو مذهب بعضهم، والحق أنه صفة وجودية تقوم بالحيوان عند خروج روحه؛ لقوله تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ (١) وكون الخلق بمعنى التقدير مجاز لا داعى إليه

(قوله: عمّا من شأنه) ضمن العدم معنى النفى فعداه بعن، و" ما" واقعة على الشىء، أى: نفى الحياة عن الشىء الذى من شأنه، أى: من أمره وصفته الحياة بالفعل، فنفيها عن الحيوان قبل وجودها كما فى قوله تعالى: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ (٢) مجاز شائع كوصف الأرض بالموت عند ذهاب خضرتها- كذا فى شرح المقاصد للشارح، وذكر بعضهم أن الموت نفى الحياة عما من شأنه أن يتصف بها سواء اتصف بها بالفعل أم لا، وهو الموافق لقوله تعالى: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ فإن الأصل فى الإطلاق الحقيقة، وكون الموت متعارفا فى زوال الحياة لا يقتضى أن يكون ذلك معناه الحقيقى فإنه يغلب الكلىّ فى فرد من أفراده

(قوله: أو بالعكس) بأن يكون المشبه به عقليّا والمشبه حسيّا

(قوله: وذلك مثل العطر وخلق كريم)


(١) الملك: ٢.
(٢) البقرة: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>