للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو عقلى؛ لأنه كيفية نفسانية يصدر عنها الأفعال بسهولة، والوجه فى تشبيه المحسوس بالمعقول أن يقدر المعقول محسوسا، ويجعل كالأصل لذلك المحسوس على طريق المبالغة، ...

===

أى: خلق رجل كريم، فهو مركب إضافى فيشبه الأول بالثانى بأن يقال: العطر كخلق هذا الرجل المتصف بالكرم فى الواقع، أو كخلق شخص كريم بجامع أن كلّا منشأ لشىء حسن أو استطابة النفس لكلّ، واعلم أن العطر ما يتعطر به من كل طيّب الرائحة كالمسك والعود الهندىّ، ثم إن المشبه إن كان ذات العطر كان محسوسا بحاسة البصر، وإن كان المشبه رائحته كان محسوسا بحاسة الشم، وهذا مراد الشارح بقوله:

(مشموم) أى: لأنه مشموم فهو يشير إلى أن المشبه رائحة العطر لا ذاته.

(قوله: وهو) أى: الخلق عقلى

(قوله: كيفية نفسانية) أى: راسخة فى النفس فنسبته للنفس من حيث قيامه بها ورسوخه فيها، وكان الأولى أن يعبر بقوله: ملكة يصدر عنها لأجل إفادة اشتراط الرسوخ فى النفس؛ لأن صفات النفس لا تسمى خلقا إلا إذا كانت راسخة

(قوله: يصدر عنها) أى: بسببها وإلا فصدور الأفعال إنما هو عن النفس، أى: يصدر بسببها عن النفس الناطقة الأفعال الاختيارية الممدوح بها كالإعطاء والصفح عن الزلّة، ومقابلة الإساءة بالإحسان

(قوله: بسهولة) أى: برفق من غير تكلف فى إيجاد تلك الأفعال، وأما لو كان إذا أراد فعل شىء ممدوح تنازعه فيه نفسه- فلا تسمى تلك الصفة خلقا، والحاصل أن الصفة النفسانية لا تسمى خلقا إلا إذا كانت راسخة، وكان ينشأ بسببها الأفعال الاختيارية الممدوحة، وكان صدورها بسهولة

(قوله: والوجه) أى: والطريق إلخ، وهذا جواب عما يقال ما اقتضاه كلام المصنف من جواز تشبيه المحسوس بالمعقول ممنوع؛ لأن المحسوس أقوى من المعقول؛ لأن المحسوس أقرب للإدراك وأحق لظهور الوجه فيه والأقوى لا يشبه بالأضعف

(قوله: أن يقدر المعقول محسوسا إلخ) أى: فيجعل الخلق كأنه أصل للعطر محسوس مثله والعطر المحسوس فرعه وأضعف منه أى: وحينئذ فالتشبيه واقع بين محسوسين لكن المشبه محسوس حقيقى والمشبه به محسوس تقديرى وإن كان معقولا حقيقة

(قوله: على طريق المبالغة) أى:

ويكون من عكس التشبيه وهو موجود فى باب التشبيه كثيرا، نحو:

<<  <  ج: ص:  >  >>