للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كاللذة) وهى إدراك ونيل لما هو عند المدرك كمال وخير ...

===

وتسمى تلك القوى وجدانا، وتسمى الأمور المدركة بواسطة تكيف تلك القوى بها كالشبع وما معه- وجدانيات نسبة للوجدان من حيث إنه سبب لإدراك النفس لها فقول الشارح: (ويسمى) أى: المدرك بتلك القوى الباطنية وجدانيّا.

(قوله: كاللذة) هذا وما بعده مثال لما تدركه النفس بسبب الوجدان

(قوله: إدراك ونيل) أى: للمدرك بالفتح، والمراد بنيله: حصوله، والتكيف بصفته، وإنما جمع بين الأمرين ولم يقتصر على أحدهما؛ لأن اللذة لا تحصل بمجرد إدراك اللذيذ؛ بل لا بد من حصوله للمستلذ بالكسر، وهو القوة الذائقة أو قوة اللمس أو غيرهما، وأما ما يحصل عند تصور المرأة الحسناء أو الشىء الحلو، فذاك تخييل للذة؛ لا أنه عين اللذة، ولم يكتف بالنيل عن الإدراك؛ لأن مجرد النيل- من غير إحساس وشعور بالمدرك- لا يكون التذاذا، والواو فى

(قوله: ونيل) بمعنى: " مع" أى: إدراك للنفس مصاحب لنيل، أى: لحصول وتكيف (لما هو إلخ) أى: لأمر لائق بالمدرك بالكسر كتكيف القوة الذائقة بالحلاوة

(قوله: عند المدرك) إنما قيد بذلك؛ لأن المعتبر كماليته وخيريته بالقياس إلى المدرك لا بالنسبة لنفس الأمر؛ لأنه قد يعتقد الكمالية والخيرية فى شىء فيلتذ به، وإن لم يكونا فيه وقد لا يعتقدهما فيما تحققتا فيه فلا يلتذ به كإدراك الدواء النافع مهلكا، فهذا ألم لا لذة،

و(قوله: إدراك) جنس يشمل سائر الإدراكات الحسية والعقلية، وقوله: مصاحب لنيل فصل يميز اللذة عن الإدراك الذى لا يجامع نيل المدرك أعنى: مجرد تصور المدرك فإنه لا يكون من باب اللذة لما علمت أن تصور المدرك لا يكون لذة إلا إذا كان معه نيل للمدرك أى: اتصال به وتكيف بصفته تكيفا حسيّا كنيل القوة الذائقة، فإذا وضع الشىء الحلو على اللسان تكيفت القوة الذائقة بصفة وهى الحلاوة، ثم تدرك النفس ذلك التكيف فهذا الإدراك يقال له: لذة حسيّة، وتلك اللذة التى هى الإدراك المذكور تحصل فى النفس بسبب القوى الباطنية المسماة بالوجدان أو كان التكيف عقليّا كنيل النفس لشرف العلم، فالقوة العاقلة تدرك شرف العلم وتتكيف به وتدرك ذلك التكيف وإدراكها لذلك التكيف يقال له: لذة عقلية، ولا يتوقف إدراكها لذلك التكيف على وجدان، بل

<<  <  ج: ص:  >  >>