فى العصبتين المجوفتين اللتين تتلاقيان فتفترقان إلى العينين (من الألوان، والأشكال)
===
أى: مثبتة من ترتب إذا ثبت- كذا فى عبد الحكيم
(قوله: فى العصبتين) أى: العرقين ومحلهما مقدم الدماغ وهو الجبهة
(قوله: المجوفتين) أى: اللتين لهما جوف كالبوصة، وحاصله: أن الطرف الأول من الدماغ قامت من جهته اليسرى عصبة مجوفة كالبوصة الصغيرة ومن جهته اليمنى عصبة كذلك، فتذهب العصبة اليسارية إلى العين اليمنى وتذهب العصبة اليمينية إلى العين اليسرى فتتلاقى العصبتان قبل الوصول إلى العينين على التقاطع فصارتا على هيئة الصليب، ثم إن البصر- الذى هو القوة- مودع فى العصبتين بتمامهما ولا يختص بما اتصل منهما بالعينين- أى: الحدقتين- ولا بما اتصل بالدماغ ولا بوسطهما بل هو مثبوت فى جميعها، وليس فى ذلك قيام المعنى بمحلين؛ لأن ذلك محمول على أن فى كل محل مثل ما فى الآخر، ويحتمل اختصاصه بمحل مخصوص من العصبة، ولكن جرت العادة الإلهية بأن العصبة إذا أصابتها آفة فى موضع منها ذهب البصر من جميعها- قاله العلامة اليعقوبى، وذكر أن تفسير البصر بالقوة المذكورة قول الحكماء، وأما المتكلمون فيقولون: إنه معنى قائم بالحدقة تدرك به الألوان والأكوان التى هى الحركة والسكون والاجتماع والافتراق- اه.
وذكر بعضهم: أن معنى قول الشارح فى العصبتين المجوفتين أى: اللتين على صورة دالين ظهر إحداهما ملاصق لظهر الأخرى (فقوله: [بعد] تتلاقيان) أى:
تتلاصقان بأظهرهما، (وقوله: فتفترقان إلى العينين) أى: بأطرافهما مع تلاصقهما بأظهرهما، والحاصل: أن العصبتين اللتين أودعت فيهما قوة البصر قيل إنهما كدالين ملصق ظهر إحداهما بظهر الأخرى، وقيل إنهما متقاطعتان تقاطعا صليبيّا، وقد علمت صحة حمل كلام الشارح على كلا القولين.
(قوله: من الألوان والأشكال) بيان لما يدرك بالبصر فيقال مثلا عند التشبيه فى اللون: خده كالورد فى الحمرة، وشعره كالغراب فى السواد، ويقال عند التشبيه فى الشكل: رأسه كالبطيخ الشامى فى الشكل: وإنما ذكر المصنف الألوان وما معها ولم يذكر الأضواء مع أنها من المبصرات بالذات أيضا فكأنه جعلها من الألوان كما زعمه بعضهم-