للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمقلة الظبى، أو تشويهه) أى: تقبيحه (كما فى تشبيه وجه مجدور بسلحة جامدة قد نقرتها الديكة) جمع: ديك (أو استطرافه) أى: عدّ المشبه طريفا حديثا بديعا

===

قال العصام: وكان الأولى أن يقول: أى: تزيين المشبه عند السامع لأجل أن يشمل تشبيه صوت حسن بصوت داود وتشبيه جلد ناعم بالحرير وتشبيه نكهة شخص بريح المسك وتشبيه طعم البطيخ بالعسل، وعلى هذا فالمراد بتزيينه تصويره للسامع بصورة حسنة سواء كانت تدرك بالعين أو بغيرها

(قوله: بمقلة الظبى) أى: التى سوادها مستحسن طبعا وهى الشحمة التى تجمع السواد والبياض، فالسواد الكائن فى مقلة الظبى أوجب لها حسنا؛ لأن السواد فى العين حسن بالجبلة وذلك لما يلازمه من الصفاء العجيب والاستدارة مع إحاطة لون مخالف له غالبا من نفس العين أو خارجها، فلما شبه الوجه الأسود بالمقلة المذكورة صار مصوّرا للسامع بصورة حسنة.

قال فى الأطول: والتشبيه مبنىّ على ما قال الأصمعى من أن عين الظبى وبقر الوحش فى حال الحياة كلها سواد وإنما يظهر فيها البياض مع السواد بعد الموت

(قوله: أى تقبيحه) أى: لأجل أن ينفر المخاطب عنه

(قوله: كما فى تشبيه) أى: كالتشويه الذى فى تشبيه

(قوله: مجدور) أى: عليه آثار الجدرىّ

(قوله: بسلحة) بحاء مهملة أى: عذرة جامدة أى: يابسة

(قوله: نقرتها) أى: نقبتها بالمنقار فى حال رطوبتها، وقوله الدّيكة- بكسر الدال وفتح الياء- جمع ديك، والديكة تطلق على الدجاج، وفى لفظ" قد" إشعار بأن أثر النقر باق فى السلحة؛ لأنه يزول بطول الزمان، وإنما أشعر ببقائه؛ لأنه للتقريب، ووصف السلحة بالجمود ليتم الشبه بلزوم تلك الحفر وتقررها كما فى الوجه المجدور والجامع بين الطرفين الهيئة الحاصلة من شكل الحفر وما أحاط بها، ووجه تقبيح المشبه فى هذا التشبيه: أن المشبه به وهو السلحة المذكورة صورتها فى غاية القباحة، فلما ألحق بها الوجه المجدور تخيل قبحه ولو كان فيه حسن باستقامة رسومه وأعضائه وسار مظهرا فى أقبح صورة لأجل التنفير عنه.

(قوله: استطرافه) بالطاء المهملة من استطرفت الشىء اتخذته طريفا أى: جديدا والمال الطريف هو المقابل للقديم، وحينئذ فالمراد باستطراف المشبه: جعله جديدا بديعا لأجل الاستلذاذ به؛ لأن لكل جديد لذة ووجه جعله جديدا: أنه أظهر ملتبسا بوصف أمر غريب

<<  <  ج: ص:  >  >>