للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما تقرير الحال فيقتضى الأمرين جميعا؛ لأن النفس إلى الأتم والأشهر أميل، فالتشبيه به بزيادة التقرير والتقوية أجدر.

(أو تزيينه) مرفوع عطفا على: بيان إمكانه، أى: تزيين المشبه فى عين السامع (كما فى تشبيه وجه أسود ...

===

مقدار حال المشبه المخاطب به يعرف الحال فى المشبه وطالب لبيان مقدار تلك الحال فلا بدّ أن يكون الوجه الذى هو الحال المطلوب مقداره فى المشبه به على قدره فى المشبه من غير زيادة ولا نقصان وإلا لزم الكذب والخلل فى الكلام، فإنه إذا قيل: كيف بياض الثوب الذى اشتريته والحال أنه فى مرتبة التوسط أو التسفل فى البياض وقلت هو كالثلج ليكون وجه الشبه فى المشبه به أتم؟ كان الكلام كذبا.

(قوله: وأما تقرير الحال) أى: حال المشبه

(قوله: الأمرين) أى: الأتمية والأشهرية معا.

(قوله: لأن النفس إلى الأتم) أى: إلى المشبه به الأتم أميل

(قوله: فالتشبيه به) أى: بالأتم الأشهر، وهو مبتدأ خبره أجدر (وقوله: بزيادة) متعلق بأجدر، والباء فيه للسببية، والمعنى: فالتشبيه به أولى من التشبيه بالخالى من الأتمية والأشهرية بسبب إفادته زيادة التقرير أى: التقرير الزائد فى نفسه والتقوية، وحينئذ فتقرير الحال مقتض للأمرين، وتوضيح ذلك: أن المراد من تقرير حال المشبه تمكن حال ذلك الحال فى نفس السامع بحيث تطمئن إليه، ولا يمكن لها مدافعة فيه بالوهم لغرض من الأغراض كالتنفير عن السعى بلا فائدة، فإن صاحبه ربما يدافع بوهمه عدم حصول الفائدة بتوهم الحصول، فإذا ألحق له بالرقم على الماء الذى لا يمكن مدافعة عدم الحصول فيه لقوته فيه وظهوره تحقق عند النفس فى الأول كما تحقق فى الثانى، فتقع نفرته عن ذلك السعى، وقد تقرر أن تحقق الشىء بالأقوى والأظهر مع قصد ذلك التحقق واجب؛ لأن الأضعف سبيل للتساهل فيه والتغافل عن مقتضاه ودفاعه عن النفس بإثبات ضده وهما.

(قوله: أو تزيينه) أى: جعله ذا زينة بأن يصوره للسامع بما يزيّنه ويحسّنه، فيخيّل السامع حينئذ حسن المشبه فإذا تخيّله كذلك كان ذلك داعيا لرغبته فيه

(قوله: عطفا على بيان إمكانه) أى: لا بالجر. عطفا على إمكانه

(قوله: فى عين السامع) أى:

لأجل ترغيبه فيه لكونه يصوّره له بصورة حسنة تدرك بالعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>