للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عناق بين صورتين متباعدتين.

(وقد يعود) الغرض من التشبيه (إلى المشبه به، وهو ضربان- أحدهما:

إيهام أنه أتم من المشبه) فى وجه الشبه (وذلك فى التشبيه المقلوب) الذى يجعل فيه الناقص مشبها به قصدا إلى ادعاء أنه أكمل ...

===

والجمع بين صورتين متباعدتين وهما صورة البنفسج وصورة اتصال النار بأوائل الكبريت، والحاصل: أن بين صورة البنفسج وصورة اتصال النار بأوائل الكبريت غاية البعد فعند حضور أحدهما فى الذهن يبعد حضور الآخر، فإحضار أحدهما مع الآخر فى غاية الندور، وحينئذ فالاستطراف فى التشبيه المذكور من حيث إنه حقق فيه المعانقة بين صورتين بينهما غاية المباعدة لا يقال الاستطراف لأجل المعانقة المذكورة يعم الطرفين؛ لأنا نقول لما كان الكلام المشتمل على التشبيه مسوقا للمشبه كان المعتدّ به هنا استطرافه

(قوله: عناق) بكسر العين المهملة بمعنى المعانقة والضم. قال فى الخلاصة: (١) لفاعل الفعال والمفاعلة.

(قوله: وهو ضربان) الضمير للغرض العائد على المشبه به

(قوله: أحدهما) أى:

وهو الكثير الشائع

(قوله: إيهام .. إلخ) أى: إيقاع المتكلم فى وهم السامع أى: ذهنه أن المشبه به أتمّ من المشبه فى وجه الشبه أى: مع أنه ليس كذلك فى الواقع

(قوله: وذلك) أى: الإيهام الذى هو الغرض

(قوله: الذى يجعل .. إلخ) تفسير للتشبيه المقلوب

(قوله: الناقص) أى: فى نفس الأمر مشبها به أى: ويجعل فيه الكامل فى نفس الأمر مشبها، فإذا جعل كذلك وقع فى وهم السامع أن المشبه به الناقص أتم من المشبه فى وجه الشبه؛ لأن مقتضى أصل تركيب التشبيه كمال المشبه به عن المشبه فى وجه الشبه

(قوله: قصدا) علّة لجعل الناقص مشبها به (وقوله: أكمل) أى: من المشبه الذى هو أكمل فى نفس الأمر، وليس من التشبيه المقلوب قوله تعالى مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ (٢) وإن كان نوره أتمّ من المشكاة؛ لأن المقصود تشبيه ما لم يعلمه البشر بما علموه لكون المشكاة فى الذهن أوضح، والقوة فى المشبه به قد تكون باعتبار الوضوح.


(١) ألفية ابن مالك.
(٢) النور: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>