للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما اعتقد التساوى بين الدمع والخمر ترك التشبيه إلى التشابه.

(ويجوز) عند إرادة الجمع بين شيئين فى أمر (التشبيه أيضا) لأنهما وإن تساويا فى وجه الشبه بحسب قصد المتكلم إلا أنه يجوز له أن يجعل أحدهما مشبها، والآخر مشبها به لغرض من الأغراض، وسبب من الأسباب؛ مثل: ...

===

بالفتح الدموع وأما بالكسر فمصدر بمعنى الاعتبار

(قوله: لما اعتقد التساوى بين الدمع والخمر) أى: فى الحمرة ولم يقصد أن أحدهما زائد فيها والآخر ناقص يلحق به ترك التشبيه إلى التعبير بالتشابه، ونظير ما تقدم من البيتين قول الصاحب بن عباد (١):

رقّ الزّجاج وراقت الخمر ... وتشابها فتشاكل الأمر

فكأنّما خمر ولا قدح ... وكأنّما قدح ولا خمر

(قوله: ويجوز .. إلخ) مقابل لقوله: فالأحسن .. إلخ، وقد استفيد ذلك من قوله: فالأحسن، وكأنه تعرض له ليوضحه بالتمثيل، ولا يخفى أن البيت كما اشتمل على تمثيل الأحسن الذى هو التشابه اشتمل على تمثيل الجائز الذى هو التشبيه حيث اشتمل على قوله: فمن مثل .. إلخ وبالجملة فلا داعى لذكر هذا الكلام لعلمه مما تقدم

(قوله: بين شيئين) هما المشبه والمشبه به (وقوله: وفى أمر) هو وجه الشبه

(قوله: أيضا) أى: كما يجوز الحكم بالتشابه بل هو الأحسن كما تقدم

(قوله: لأنهما وإن تساويا فى وجه الشبه .. إلخ) أى: بأن لم يرد المتكلم أن أحدهما زائد فيه إن كان هناك زائد بل قصد اشتراك الطرفين فيه على حد سواء، وإن كان فى أحدهما زيادة فى الواقع؛ ولأن أداة التشبيه قد تستعمل لمجرد قصد التشريك كما فى الأطول

(قوله: لغرض من الأغراض) أى: غير داخل فى وجه الشبه الذى قصد تساوى الطرفين فيه إن قلت:

مقتضى كون التشبيه لغرض أن يكون واجبا وهو ينافى الجواز ويناقض أحسنية العدول إلى التشابه. قلت: المراد بالجواز هنا نفى الامتناع الصادق بالوجوب ولا ينافى الأحسنية، لأنها أيضا للوجوب؛ لأن الأحسن فى باب البلاغة الواجب، وعلى هذا فما تقدم من دلالة الأحسنية على الجواز فى مقابله لا يخلو عن تسامح- قاله اليعقوبى.


(١) البيتان فى الإيضاح ص ٢٢٥، وهما للصاحب بن عباد فى شرح عقود الجمان ٢/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>