للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال: أسبل الدمع والمطر- إذا هطل، وأسبلت السماء، فالباء فى قوله:

أبالخمر للتعدية، وليست بزائدة؛ على ما توهمه بعضهم (أم من عبرتى كنت أشرب)

===

هذا الاستفهام، والجار والمجرور متعلق بأسبلت أى: ما أدرى أأسبلت جفونى بالخمر الحقيقى؟ وفى العبارة حذف كنت شربت منه ليكون مقابلا لقوله: أم من عبرتى كنت أشرب كما إن قوله أم من عبرتى .. إلخ: فيه حذف والأصل أم أسبلت جفونى بالدمع فكنت أشرب منه ليكون مقابلا لقوله أولا أأسبلت جفونى بالخمر؟ وحينئذ ففى البيت احتباك حيث حذف من كل موضع ما ذكر نظيره فى الموضع الآخر، وحاصله أنه لما رأى أن دموعه النازلة منه حال شربه للخمر [تشبه الخمر] فى الحمرة أظهر أنه اختلط عليه الحال، وأنه لا يدرى هل كان يشرب من الخمر فأسبلت عيناه بالخمر، أو كان يشرب من عبرته فعيناه تسكب دمعا؟ وهذا من تجاهل العارف، إذ هو يعلم قطعا أنه يشرب خمرا، وأن الذى تسكب عيناه دمع أحمر.

(قوله: يقال) .. إلخ الغرض من هذا بيان أن أسبل فعل لازم لا يصل للمفعول بنفسه، وحينئذ فالباء فى حيّزه للتعدية لا زائدة، إذ لا تكون كذلك إلا لو كان متعديا بنفسه

(قوله: إذا هطل) أى: سال كثيرا وبابه ضرب

(قوله: وأسبلت السماء) أى:

بالمطر وأسبلت الجفون بالدمع فهو إذا تعدى يتعدى بالباء

(قوله: فالباء فى قوله أبالخمر للتعدية) أى: للزوم الفعل

(قوله: على ما توهمه بعضهم) فيه أنه ورد استعماله متعديا بنفسه واستعماله لازما، ففى القاموس: أسبل الدمع بمعنى أرسله، وفى الصحاح: أسبل الدمع بمعنى هطل، فعلى الأول الباء الواقعة فى حيزه زائدة، وعلى الثانى للتعدية فجعل الشارح الزيادة وهما وهم منه، وأجاب سم: بأن غاية الأمر أنه استعمل لازما ومتعديا ولم تتعين زيادة الباء سيّما والأصل عدم الزيادة، وحينئذ فالجزم بالزيادة وهم على أن زيادة الباء فى غير النفى والاستفهام وفى غير خبر المبتدأ سماعى ولا يثبت السماع بالبيت مع احتمال التعدية- فتأمل.

(قوله: أم من عبرتى) أم هنا متصلة لوقوعها بعد همزة التسوية، والجملة بعدها مؤولة بمصدر عطف على الجملة السابقة المؤولة مع همزة الاستفهام بالمصدر، والعبرة

<<  <  ج: ص:  >  >>