للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن حديث الحياء، وما فيه من الدقة والخفاء أخرجه إلى الغرابة، وقوله: لم تلق إن كان من: لقيته، بمعنى: أبصرته فالتشبيه مكنّى غير مصرّح به، وإن كان من لقيته، بمعنى: قابلته ...

===

الممدوح بالشمس مبتذل أى: كثير العروض للأسماع؛ لجريان العادة به، فإن قلت: إن المفاد من البيت أن الوجه أعظم منها فى الإشراق والضياء فملاقاتها له وظهورها عند وجوده إنما هو من قلّة حيائها ومن قلّة أدبها، وحينئذ فلا تشبيه فى البيت لا مصرّح به ولا مقدّر.

قلت: إن التشبيه فى البيت ضمنىّ كما أشار فى الوجه الأول فى" لم تلق"؛ وذلك لأن وجه الممدوح إذا كان أعظم من الشمس فى الإشراق والضياء يستلزم اشتراكهما فى أصل الإشراق فيثبت التشبيه ضمنا، فكأنه يقول: هذا الوجه كالشمس فى أصل الحسن فقط، ثم إن جعل الشارح الوجه مشبها بالنظر لمقصود الشاعر وإن كان المفاد من البيت بعد جعل التشبيه ضمنيا أن المشبه الشمس بسبب ذكر عدم الحياء؛ لأن الوجه أتم فى وجه الشبه فيكون هو المشبه به، والحاصل: أن المفاد من البيت قلب التشبيه ولكن المقصود للشاعر تشبيه الوجه بالشمس كما قال الشارح- فتأمل- كذا قرر شيخنا العدوى.

(قوله: إلا أن حديث الحياء) أى: ذكر نفى الحياء عن وجه الشمس فى لقيّها وجه المحبوب

(قوله: وما فيه من الدقة) أى: من حيث إفادة المبالغة فى الممدوح وأن وجهه أعظم إشراقا وضياء من الشمس

(قوله: والخفاء) عطف تفسير

(قوله: أخرجه إلى الغرابة) خبر أنّ أى: أخرج التشبيه المذكور من الابتذال إلى الغرابة والحسن؛ لأن إدراك وجه المحبوب فى غاية الإشراق والضياء عن وجه الشمس فيه غرابة

(قوله: بمعنى أبصرته) أى: والمعنى لم تبصر هذا الوجه شمس نهارنا والإسناد حينئذ مجازىّ؛ لأن الشمس لا تبصر حقيقة

(قوله: مكنّى) أى: لأن قوله ليس فيه حياء يدل على أن وجه الممدوح أعظم منها إشراقا وضياء، وهذا يستلزم اشتراكهما فى أصل الإشراق والضياء، فيثبت التشبيه ضمنا لا صريحا، (فقول الشارح: غير مصرّح) به تفسير لمكنّى، وليس المراد الكناية

<<  <  ج: ص:  >  >>