للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بما يجعله غريبا) ويخرجه عن الابتذال (كقوله:

لم تلق هذا الوجه شمس نهارنا ... إلا بوجه ليس فيه حياء)

فتشبيه الوجه بالشمس مبتذل ...

===

بعض المعانى على بعض) أى: كالترتيب فى وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ (١) الآية، فإن خضرة النبات مرتبة على الماء واليبس مرتب على الخضرة (وقوله:

وبناء ثان .. إلخ) عطف على ترتيب بعض المعانى على بعض عطف تفسير أو لازم على ملزوم، وكذا

(قوله: وردّ تال إلى سابق) (وقوله: وتأمل) تفسير لنظر.

(قوله: بما يجعله) أى: بتصرف يجعله غريبا، وذلك بأن يشترط فى تمام التشبيه وجود وصف لم يكن موجودا أو انتفاء وصف موجود ولو بحسب الادّعاء

(قوله: ويخرجه عن الابتذال) أى: إلى الغرابة، وهذا عطف لازم على ملزوم

(قوله: كقوله) أى: قول القائل وهو أبو الطيب المتنبى من قصيدة من الكامل يمدح فيها هارون بن عبد العزيز الأوراجى، وأولها

أمن ازديارك فى الدّجى الرّقباء ... إذ حيث كنت من الظلام ضياء (٢)

(قوله: لم تلق هذا الوجه .. إلخ) (٣) هذا الوجه: مفعول، وشمس نهارنا فاعل، والمراد بهذا الوجه وجه الممدوح أى: لم تلق هذا الوجه شمس نهارنا فى حال من الأحوال إلا ملتبسة بوجه لا حياء فيه (فقوله: إلا بوجه) استثناء مفرغ من الحال يعنى:

أن الشمس دائما وأبدا فى حياء وخجل من الممدوح لما أن نور وجهه أتم من النور والإشراق الذى فيها، فلا يمكن أن تلاقى وجهه إلا إذا انتفى عنها الحياء، أما عند وجوده كما هو حق الأدب منها فلا يمكن أن تلقاه، ويصح رفع الوجه على الفاعلية ونصب شمس نهارنا على المفعولية، والمعنى: أن الشمس لا يمكن أن يلقاها وجه الممدوح إلا إذا كانت متجردة عن الحياء الذى ينبغى لها أن لا ترتكبه، إذ لو كان فيها حياء لامتنعت من أن يلقاها وجه الممدوح لكونه أعظم منها

(قوله: فتشبيه الوجه) أى: وجه


(١) الكهف: (٤٥).
(٢) البيت من مطلع قصيدة لأبى الطيب المتنبى فى ديوانه ١/ ١٦٩، يمدح أبا على هارون بن عبد العزيز الأوراجى الكاتب، ووقعت فى المطبوع الأدراجى والبيت فيه" ازديادك" مكان ازديارك والتصويب من شرح الديوان وغيره كمعاهد التنصيص، والوساطة بين المتنبى وخصومه.
(٣) البيت للمتنبى فى عقود الجمان ٢/ ٣٠، والإيضاح ص ٢٣٨ والتلخيص ص ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>