(وهما حسيان، والجامع: ما يعقل من ترتب أمر على آخر) أى حصوله عقيب حصوله دائما، أو غالبا، كترتب ظهور اللحم على الكشط وترتب ظهور الظلمة على كشف الضوء ...
===
ويؤيده قوله تعالى: وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ (١)، وحينئذ فيصح القول بظهورها بعد زوال الضوء
(قوله: وهما حسيان) أى: مدركان بحاسة البصر إن قلت: إن كلا من كشط الجلد وإزالة الضوء أمر عقلى لا وجود له فى الخارج لأنهما مصدران والمعنى المصدرى لا وجود له فى الخارج، وحينئذ فلا يكونان محسوسين قلت: جعله الكشط والإزالة محسوسين باعتبار الهيئة المحسوسة الحاصلة عندهما، أو باعتبار متعلقهما وهو اللحم والضوء وذلك كاف فى حسيتهما، ولا يقال: إن الترتب إذا نظر لمتعلقه أيضا كان محسوسا فهلا نظر لمتعلقه وجعلت الاستعارة فى الآية المذكورة طرفاها وجامعها حسيات؛ لأنا نقول:
ترتب أمر على آخر هذا كلى صادق بترتب محسوس على محسوس وترتب معقول على معقول كترتب العلم بالنتيجة على العلم بالمقدمات فمتعلق الترتب ليس دائما محسوسا وإن كان فى خصوص ما نحن فيه محسوسا، فلذا لم ينظر لمتعلقه بخلاف السلخ وإزالة الضوء، ثم ما قلناه من أن الضوء حسى هو مبنى على القول بأنه أجرام لطيفة تتصل بمحسوس توجب إبصاره عادة وأن الظلمة أجرام لطيفة تتصل بالأجرام الحسية توجب عدم الإبصار لما اتصلت به عادة، وأما إن قلنا: إن الضوء كون الأجرام بحيث ترى لاتصال الأجرام اللطيفة الإشراقية بها، والظلمة كون الأجرام بحيث لا ترى لاتصال الأجرام اللطيفة غير الإشراقية بها كان كل من الضوء والظلمة عقليّا
(قوله: والجامع:
ما يعقل) أى: والجامع بين الطرفين الأمر الذى يعقل أى: يدرك بالعقل وهو مطلق ترتب أمر على آخر، ولا شك أن فى الأول ترتب ظهور اللحم على كشط الجلد وفى الثانى ترتب ظهور ظلمة الليل على كشف ضوء النهار
(قوله: دائما أو غالبا) أى:
سواء كان حصوله عقب حصول الأمر الآخر دائما أو غالبا (وقوله: كترتب ظهور اللحم على الكشط) راجع لقوله: غالبا؛ لأن ترتب ظهور اللحم على الكشط ليس دائما؛