عن مكان الليل، والترتب أمر عقلى. وبيان ذلك: أن الظلمة هى الأصل، والنور طار عليها يسترها بضوئه، فإذا غربت الشمس فقد سلخ النهار من الليل؛ أى:
كشط وأزيل- كما يكشط عن الشىء الشىء الطارئ عليه الساتر له- فيجعل ظهور الظلمة بعد ذهاب ضوء النهار بمنزلة ظهور المسلوخ بعد سلخ ...
===
لأنه قد يكشط الجلد عن اللحم بدس عود ونحوه بينهما بحيث لا يصير لازقا به من غير إزالة له عنه، فقد وجد الكشط بدون ظهور اللحم (وقوله: وترتب ظهور الظلمة .. إلخ) راجع لقوله: دائما فهو لف ونشر مشوش، وقال العلامة السيد: هذا الترديد لبيان معنى الترتب من حيث هو لا بالنظر لخصوص المقام، وحينئذ فقوله: دائما إشارة لمذهب الحكماء من أن النتيجة لازمة للمقدمتين لزوما عقليّا، فيكون حصولها عقيب حصولهما دائما، وقوله: أو غالبا إشارة إلى المذهب المختار من أن لزومها لهما عادى بطريق الفيض وجرى العادة من الله تعالى، والمولى سبحانه قد يفيض وقد لا يفيض، فيكون حصول النتيجة عقيب حصول المقدمتين غالبا بهذا الاعتبار لا دائما
(قوله: عن مكان الليل) متعلق بكشف
(قوله: وبيان ذلك) أى: وبيان ترتب ظهور الظلمة على كشف الضوء عن مكان الليل وفى سم أى: وبيان التشبيه بين كشط الجلد وكشف الضوء عن مكان ظلمة الليل
(قوله: هى الأصل) أى: فى كل حادث، إذ مرجعها لعدم الظهور وعدم ظهوره أصله:
وإنما يظهر إذا طرأ الضوء عليه، ويدل لهذا قوله عليه الصلاة والسّلام:" خلق الله الخلق من ظلمة، ثم رش عليهم من نوره"
(قوله: والنور) أى: والضوء طار عليها (وقوله: بضوئه) الأولى حذفه، وجعل الضوء ساترا للظلمة مبنى على أن الظلمة وجودية وحيث كان الضوء طارئا على الظلمة يسترها كان كالجلد الطارئ على عظام الشاة ولحمها فيسترها
(قوله: فقد سلخ النهار) أراد به النور والضوء لا الزمان المقدر بحركة الفلك من طلوع الشمس لغروبها، أو المراد فقد سلخ ضوء النهار، (وقوله: من الليل) أى: عن مكان ظلمة الليل، فمن بمعنى: عن، وفى الكلام حذف مضافين
(قوله: فجعل ظهور الظلمة .. إلخ) كان الأولى أن يقول: فجعل إظهار الظلمة كإظهار المسلوخ؛ لأن السلخ فى الآية بمعنى الإظهار لكن لما كان تشبيه الإظهار بالإظهار مستلزما لتشبيه