إنما يظنه الجهول، وأما العاقل فيعرف أنه لا حاجة له فى السماء لاتصافه بسائر الكمالات وهذا المعنى مما خفى على بعضهم فتوهم أن فى البيت تقصيرا فى وصف علوه حيث أثبت هذا الظن للكامل الجهل بمعرفة الأشياء (ونحوه) أى مثل البناء على علو القدر ما يبنى على علو المكان لتناسى التشبيه (ما مر من التعجب) فى ...
===
ويترتب عليه لا على علو القدر، ثم إن ظن الجهول أن له حاجة فى السماء لم ينقل من معناه الأصلى الملائم للمستعار منه لمعنى ملائم للمستعار له، وإنما هو ذكر لازم من لوازم المشبه به لإظهار أنه الموجود فى التركيب لا شىء شبيه به، وبهذا يعلم أن الترشيح قد يستعمل فى معناه الأصلى الملائم للمستعار منه- وليس ذلك من الكذب؛ لأن الغرض إفادة المبالغة وتقوية الاستعارة بذكر اللازم وذلك كاف فى نفى الكذب كما أنه قد ينقل من معناه الأصلى لمعنى ملائم للمستعار له
(قوله: إلى أن هذا) أى: كونه له حاجة فى السماء
(قوله: إنما يظنه الجهول) أى: لأنه الذى لا كمال لعقله
(قوله: لاتصافه بسائر الكمالات) أى: فلم يكن هناك كمال لم يتصف به حتى إنه يحتاج له فيطلبه من جهة السماء، وحيث كان العاقل يعرف أنه لا حاجة له فى السماء لاتصافه بسائر الكمالات- كان عالما بأن إفراطه فى العلو لمجرد التعالى على الأقران، وفى قوله:
لاتصافه إلخ إشارة إلى أن المراد بالحاجة المنتفية هنا المعتادة للطلب فى الأرض، فلا يرد أن نفى حاجة السماء سوء أدب لما فيه من نفى الحاجة إلى الرحمة السماوية والتوجه لها بالدعاء لا بالصعود
(قوله: وهذا المعنى) أى: التفصيل بين العاقل والجاهل
(قوله: فتوهم أن فى البيت إلخ) منشأ ذلك التوهم أن القصد من البيت الإشارة بمزيد صعوده المشار له بقوله: حتى يظن إلخ إلى علو قدره، وإذا كان مزيد الصعود إنما هو فى ظن كامل الجهل لا العارف بالأشياء فلا يكون له ثبوت فلا يحصل كبير مدح بذلك، وحاصل الرد أن مزيد الصعود مجزوم به ومسلم من كل أحد، وإنما النزاع فى أنه هل له حاجة فى السماء أم لا فذكر أن كثير الجهل هو الذى يتوهم أن ذلك الارتقاء المفرط لحاجة، وأما العاقل ذو النظر الصحيح فيعلم أن ذلك الإفراط فى العلو لمجرد التعالى على الأقران لا