للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله:

قامت تظللنى ومن عجب ... شمس تظللنى من الشمس

(والنهى عنه) أى عن التعجب فى قوله:

لا تعجبوا من بلى غلالته ... قد زرّ أزراره على القمر

إذ لو لم يقصد تناسى التشبيه وإنكاره لما كان للتعجب والنهى عنه جهة على ما سبق ...

===

لحاجة له فى السماء لاتصافه بسائر الكمالات واستغنائه عن جميع الحاجات

(قوله: قامت تظللنى ومن عجب إلخ) (١) إنما كان هذا التعجب نحو ما ذكر من البناء؛ لأن إيجاد هذا التعجب لولا تناسى التشبيه لم يوجد له مساغ كما أن إيجاد ذلك البناء لولا التناسى لم يكن له معنى وتحقيقه فى التعجب ما تقدم من أنه لا عجب من تظليل إنسان جميل كالشمس من الشمس الحقيقية، وإنما يتحقق التعجب من تظليل الشمس الحقيقية من الشمس المعلومة؛ لأن الإشراق مانع من الظل فكيف يكون صاحبه موجبا للظل؟ ! ومعلوم أنه لولا التناسى ما جعل ذلك الإنسان الجميل نفس الشمس ليتعجب من تظليله، بل شبيه بها

(قوله: لا تعجبوا إلخ) (٢) من المعلوم أن القمر الحقيقى هو المعتاد لبلى الغلالة فلا يتعجب من بلاها معه، لا الإنسان المشبه بالقمر وكونه جعل المستعار له قمرا حقيقيّا إنما هو لتناسى التشبيه حتى كأنه الموجود فى الخارج، والخاطر فى القلب هو القمر الحقيقى، وإلا فالتشبيه ما دام متذكرا ينفى النهى عن التعجب.

واعلم أن مذهب التعجب هنا عكس مذهب النهى عنه؛ لأن التعجب هنا سببه إثبات مالا يناسب المستعار منه والنهى عنه سببه إثبات ما هو مناسب للمستعار منه، ألا ترى أنه فى الأول قد أثبت التظليل للشمس وهو ممتنع، فلذا تعجب من تظليلها، وفى الثانى قد أثبت بلى الغلالة والقمر وهو من خواصه، فلا يصح حينئذ أن يتعجب منه، فلذا نهاهم عن التعجب من ذلك

(قوله: وإنكاره) عطف لازم (وقوله: جهة) أى: وجه،


(١) شرح المرشدى على عقود الجمان ٢/ ٤٠ والشعر لأبى الفضل بن العميد، والطراز ١/ ٢٠٣، والمصباح ١٢٩، ونهاية الإيجاز ص ٢٥٢.
(٢) شرح المرشدى على عقود الجمان ٢/ ٤٠، وهو لأبى الحسن بن طباطبا العلوى، الطراز ٢/ ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>