للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

وقد لاح فى الصّبح الثّريّا كما ترى ... كعنقود ملّاحيّة حين نوّرا (١)

وإذا صحت الاستعارة التمثيلية فيما يصح فيه التشبيه المذكور، والتشبيه المذكور يجوز أن يكون طرفاه مفردين، فيجوز أن ينقل لفظ المشبه به المفرد إلى المشبه بعد حذف لفظه، فيكون لفظ المشبه به استعارة تمثيلية، فصح عد الاستعارة التمثيلية من أقسام المجاز المفرد واندفع الاعتراض على السكاكى.

ورد هذا الجواب بأمور منها وإن كان مبطلا لكلام المعترض وهو المصنف القائل باستلزام التركيب للتمثيل، لكنه لا ينفع السكاكى المجاب عنه لأنه مثل للتمثيل بمركب وهو إنى أراك تقدم رجلا إلخ؛ لكونه يرى اشتراط التركيب فى التمثيل، ومنها أن هذا الجواب مبنى على أن مجاز التمثيل تابع لتشبيه التمثيل دائما، وأن ذلك التشبيه يجرى فى المفردين، والذى نسب للمحققين أن كلا من مجاز التمثيل وتشبيه التمثيل لا يجريان فى المفردين أصلا، وعليه فما تقدم من أن تشبيه الثريا بالعنقود من تشبيه التمثيل فهو خلاف التحقيق، ولا ترد الآية المذكورة لاحتمال أن المراد بالمثل الهيئة واعلم أن الخلاف كون التمثيل يستلزم التركيب أو لا يستلزمه حاصل بين الشارح والعلامة السيد أيضا، فذهب الشارح فى حاشية الكشاف إلى عدم الاستلزام وأنه أى التمثيل قد يكون تبعية، كما فى قوله تعالى: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ (٢) قال صاحب الكشاف: تمثيل لحالهم من تلبسهم بالهداية، فقال الشارح فى حاشيته، يريد أنه استعارة تمثيلية: ورده السيد بأن التبعية لا تكون إلا فى المفردات ضرورة أنها لا تكون إلا فى معنى الفعل ومتعلق معنى الحرف، والتمثيلية لا تكون إلا فى المركب، فبينهما تناف، وأجاب الشارح بأنا لا نسلم أن الاستعارة التمثيلية لا تكون إلا مركبة، بل مدارها على كون وجه الشبه منتزعا من متعدد ورده السيد بأن وجه الشبه منتزع من الطرفين وإذا كان كذلك فلا بد فيهما من التعدد: وأجاب الشارح بأنه بعد انتزاع وجه منهما لا مانع


(١) لأبى القيس بن الأسلت فى ديوانه ص ٧٣، ولسان العرب (ملح) والتنبيه والإيضاح ١/ ٢٧٤.
(٢) البقرة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>