الثالث: أن إضافة الكلمة إلى شىء، أو تقييدها واقترانها بألف شىء لا يخرجها عن أن تكون كلمة. فالاستعارة فى مثل: أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى هو التقديم المضاف إلى الرجل المقترن بتأخير أخرى، والمستعار له هو التردد؛ فهو كلمة مستعملة فى غير ما وضعت له؛ ...
===
من اعتبار التضام والتلاصق حتى تصير جميع الأشياء كالشىء الواحد ورده السيد بأن هذا بعيد من تقرير القوم فى الاستعارة التبعية، من أن معنى الحرف لا بد أن يكون جزئيا، وتعتبر الاستعارة فيه بعد اعتبارها فى المطلقات، والشىء الجزئى لا ينتزع من متعدد، وإلا لزم التنافى، لأن الجزئى مفرد يوجد دفعة والمنتزع يوجد شيئا بعد شىء.
قال العلامة عبد الحكيم: والحق أن هذا تحامل من السيد على الشارح وإلزام بما لا يلزم، إذ معنى الحرف نسبة جزئية وهى لا تعقل إلا بين متعدد أعنى المنسوب والمنسوب إليه فهما داخلان فى الموضوع له معنى الحرف، فلا مانع من انتزاع معناه من متعدد، على أنا لو سلمنا ذلك فيؤخذ منه التعدد بطريق اللزوم وإن كان مفردا فى حد ذاته فتأمل.
وذكر العلامة اليعقوبى أن قوله تعالى: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ يحتمل ثلاثة أوجه من التجوز، فإن قدر تشبيه الهدى بمركوب يوصل للمقصود تشبيها مضمرا فى النفس وأتى معه بلوازمه الدالة عليه وهو لفظ على، كان ذلك التجوز من باب الاستعارة بالكناية، وإن قدر تشبيه تمسكهم بالهدى وأخذهم به بعلو راكب مركوبا له والتصاقه به، ثم استعملت فيه على التى هى من حروف الجر تبعا لذلك التشبيه، كان ذلك التجوز من باب الاستعارة التبعية، وإن قدّر أن فيه تشبيه مجموع هيئة المهتدى والهدى وتمسكه به بهيئة راكب ومركوب فنقل لفظ إحدى الهيئتين للأخرى كان من التمثيل وكان الأصل أن ينقل مجموع ألفاظ الهيئة المشبه بها، كأن يقال فى غير القرآن: أولئك على مركوبهم الموصل للمقصود أو نحو ذلك لكن استغنى عن تلك الألفاظ بعلى لأنها تنبئ عن راكب ومركوب، وتقدير تلك الألفاظ لا فى نظم الكلام بل فى المعنى انتهى.
(قوله: الثالث أن إضافة إلخ) المراد بالإضافة اللغوية (فقوله: واقترانها) عطف تفسير، وحاصله أنا لا نسلم أن التمثيل فيه استعارة مركب وإنما فيه استعارة مفرد وكلمة