للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا مثل لها بنحو: أظفار المنية الشبيهة بالسبع فصرح بالتشبيه لتكون الاستعارة فى الأظفار فقط من غير استعارة بالكناية فى المنية، وقال المصنف: إنه بعيد جدا لا يوجد له مثال فى الكلام (وفيه) أى: فى تفسير التخييلية بما ذكر (تعسف) ...

===

عندهم ترشيح للتشبيه، وأما المكنية فإنها لا تكون بدون التخييلية- كما يأتى عند السكاكى وكذا عند القوم، خلافا لصاحب الكشاف فإنه جوز وجود المكنية بدون التخييلية

(قوله: ولهذا) أى لكون التخييلية توجد بدون المكنية

(قوله: مثل لها) أى للتخييلية المنفكة عن المكنية

(قوله: فصرح بالتشبيه لتكون الاستعارة فى الأظفار فقط من غير استعارة بالكناية فى المنية) أى لأنه عند التصريح بالتشبيه لا يكون هناك استعارة فضلا عن كونها مكنية؛ لبناء الاستعارة على تناسى التشبيه، فالتخييلية عنده أعم محلا من المكنية

(قوله: إنه) أى وجود التخييلية بدون المكنية

(قوله: لا يوجد له مثال فى الكلام) أى البليغ، وإلا فقد وجد له مثال فى الكلام غير البليغ كالمثال المذكور، وكقولك لسان الحال التشبيه بالمتكلم وزمام الحكم التشبيه بالناقة، فإن قلت: بل قد وجد له مثال فى كلام البلغاء، كقول أبى تمام (١)

لا تسقنى ماء الملام فإننى ... صبّ قد استعذبت ماء بكائي

فإنه لما أضاف الماء للملام أخذ الوهم فى تصوير شىء للملام يناسب الماء، فاستعار لفظ الماء الموضوع للمحقق للصورة المتوهمة الشبيهة بالماء الحسى، استعارة تصريحية تخييلية وهى غير تابعة للمكنية.

قلت: قال فى الإيضاح لا دليل فى هذا البيت على انفراد التخييلية عن المكنية، لجواز أن يكون أبو تمام شبه الملام بظرف شراب مكروه، لاشتماله على ما يكرهه الشارب لمرارته أو بشاعته، فتكون التخييلية مباينة للمكنى عنها- أو أنه شبه الملام بالماء المكروه نفسه؛ لأن اللوم قد يسكن حرارة الغرام كما أن الماء المكروه يسكن قليل الأوام، ثم أضاف المشبه به للمشبه كما فى لجين الماء فلا يكون من الاستعارة فى شىء،


(١) ديوان أبى تمام ص ١٤ ط دار الكتب العلمية وهى فى مدح يحيى بن ثابت، ومن بحر الكامل والإيضاح ص ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>