للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الوسائط الكثيرة مع خفاء القرائن الدالة على المقصود (كقول الآخر: ...

===

الجواب الثالث: أن المراد بالجمع ما فوق الواحد، وإنما اعتبر ذلك مع أن الخلل يتحقق بلازم واحد وواسطة واحدة؛ لأنه الغالب إذا الغالب أن الخلل يتحقق بتعدد اللوازم والوسائط كذا ذكر العلامة الغنيمى، وفى الفنرى: يجوز أن يكون الجمع باقيا على معناه، ويراد بمقابلة الجمع بالجمع انقسام الآحاد على الآحاد، فإن جوّز ألا يكون ذلك الانقسام على السواء، بل يكون على الاختلاف والتفاوت، مثلا إذا قيل: باع القوم دوابهم، يكون المراد منه: أن كل واحد منهم باع ما له من الدواب، سواء كانت واحدة أو متعددة وهو الظاهر، فكلام الشارح سالم عن المحذور بلا شبهة، إذا لا يلزم توحد اللازم والواسطة فى كل مادة، وإن لم يجز كون ذلك الانقسام ليس على السواء فكذلك لا محذور ولا شبهة؛ لأنه حينئذ يكون أخذا بالأقل؛ لأنه إذا علم من البيان المذكور وجود الخلل بإيراد لازم واحد مفتقر إلى واسطة واحدة مع خفاء القرينة، فلا يوجد فى إيراد أكثر من ذلك مع خفائها بالطريق الأولى.

(قوله: إلى الوسائط) أى:

بينها وبين الملزومات.

(قوله: مع خفاء القرائن) أى: بعدم الجريان على أسلوب البلغاء، فلو كانت القرينة ظاهرة فلا خلل، سواء تعددت الوسائط كما فى قولك: فلان كثير الرماد، مريدا الإخبار بكرمه، أو لم تتعدد كقولك: فلان طويل النجاد، مريدا الإخبار بطول قامته، فلو كان اللازم قريبا لا واسطة بينه وبين الملزوم، لكن القرينة خفية كان مضرا ويحصل به الخلل والتعقيد، خلافا لما يفيده كلام الشارح، حيث قيد اللوازم بالبعيدة، وإنما لم يتعرض الشارح لذلك لندرة وقوعه؛ لأن اللازم القريب قلما يخفى لزومه، ولذا ذهب الإمام الرازى (١) إلى أن كل لازم قريب فهو بيّن، وإن كان لم يسلم له فى ذلك، ولكون المثال الذى ذكره المصنف اللازم فيه بعيد مفتقر لوسائط عدة كما


(١) هو زين الدين محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازى، صاحب" مختار الصحاح" فى اللغة، وله علم بالتفسير والأدب، وله" روضة الفصاحة" فى البلاغة وغير ذلك، توفى سنة ٦٦٦ هـ. انظر: الأعلام (٦/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>