للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو عباس بن الأحنف، ولم يقل: كقوله؛ لئلا يتوهم عود الضمير إلى الفرزدق (سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا وتسكب ... ) بالرفع؛ ...

===

يأتى بيانه، ويظهر لك أن الأقسام أربعة: يحصل الخلل فى صورتين أعنى: ما إذا كانت القرينة خفية، سواء تعددت الوسائط كما يأتى فى قوله (١):

وتسكب عيناى الدموع لتجمدا أو لم تتعدد، ولا خلل فى صورتين: وهما ما إذا كانت القرينة غير خفية تعددت الوسائل كما فى قولك: فلان كثير الرماد، أو لم تتعدد كما فى قولك: فلان كثير النجاد

(قوله: عباس بن الأحنف) (٢) هو من بنى حنيفة، كان رقيق الحاشية، لطيف الطباع من ندماء هارون الرشيد

(قوله: سأطلب إلخ) عبر بالسين الموضوعة للاستقبال للإشارة إلى أن بعد الديار وإن كان لغرض صحيح، وهو قرب الأحباب حقيق بأن يسوف به ولا يطلبه فى الحال لكون البعد فى ذاته أردى من الردى، والحاصل أن البعد وإن كان وسيلة للقرب الذى هو المقصد الأقصى للعشاق إلا أنه من حيث إنه بعد فى نفسه حقيق بأن يسوف عليه، ولكون البعد رديئا أضافة الشاعر لداره لا لذاته؛ لأن العاشق لا يطلب بعد ذاته، وأضاف القرب لذات المحبوبين، فإن قلت: هذا الكلام يقتضى أن السين أصلية وقول الشارح ومعنى البيت أنى اليوم أطيب إلخ يقتضى زيادتها لمجرد التوكيد. قلت: إن ما قلناه بالنظر لأصل وضعها وما ذكره الشارح بالنظر للمعنى المراد من البيت، والحاصل أن ايثاره التعبير بالعبارة الدالة على التسويف فى الجملة يشير لذلك المعنى وإن كانت للتأكيد أفاده القرمى

(قوله: عنكم) متعلق ببعد لا بالدار، وإلا لقال لكم، والمعنى بعد دارى عنكم، وفيه إشارة إلى أنه لا يرضى بنسبة طلب البعد إلى دار المحبوب فضلا عن نفسه

(قوله: بالرفع)


(١) البيت للفرزدق فى ديوانه ١٠٦ طبعة دار الكتب، ودلائل الإعجاز ٢٦٨، والإشارات والتنبيهات ص ١٢.
(٢) هو العباس بن الأحنف بن الأسود الحنفى اليمامي، أبو الفضل: شاعر غزل رقيق، قال فيه البحترى:
هو أغزل الناس، أصله من اليمامة، وكان أهله فى البصرة وبها مات أبوه، ونشأ هو ببغداد وتوفى بها سنة ١٩٢ هـ، وقيل: بالبصرة، خالف الشعراء فى طريقتهم فلم يمدح ولم يهج، بل كان شعره كله غزلا وتشبيبا، وهو خال إبراهيم بن العباس الصولي. انظر: الأعلام (٣/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>