لأن كلام الكشاف مشعر بخلاف ذلك. وقد صرح فى المفتاح- أيضا- فى بحث المجاز العقلى بأن قرينة المكنى عنها قد تكون أمرا وهميا كأظفار المنية، وقد تكون أمرا محققا؛ كالإنبات فى: أنبت الربيع البقل، والهزم فى: هزم الأمير الجند، إلا أن هذا لا يدفع الاعتراض عن السكاكى؛ لأنه قد صرح فى المجاز العقلى بأن نطقت فى: نطقت الحال بكذا أمر وهمى جعل قرينة للمكنى عنها، ...
===
قرينة للمكنى عنها التى هى العهد، إذ هو كناية عن الحبل فقد وجدت المكنى عنها عنده بدون التخييلية؛ لأن النقض الذى هو القرينة ليس تخييلا، إذ التخييل إما إثبات الشىء لغير ما هو له كما عند الجمهور، وإما إثبات صورة وهمية كما عند السكاكى على ما تقدم بيانه والنقض ليس كذلك بل استعارة تصريحية تحقيقية
(قوله: لأن كلام الكشاف) سيذكره بعد
(قوله: مشعر) أى: مصرح
(قوله: وقد صرح فى المفتاح إلخ) جواب عما يقال: نحمل الاتفاق فى كلام المصنف على اتفاق الخصمين السكاكى والمصنف، لا على اتفاق القوم الشامل لصاحب الكشاف، وحينئذ فلا يتوجه ذلك الاعتراض الوارد على المصنف من جهة حكاية الاتفاق، وحاصل الجواب أن هذا أيضا لا يصح؛ لأن السكاكى صرح أيضا بما يقتضى عدم الاستلزام حيث قال فى بحث المجاز العقلى قرينة المكنى إلخ
(قوله: قد تكون أمرا وهميا) أى: فتكون تخييلية وقد تكون أمرا محققا أى: فلا تكون تخييلية، إذ لا تخييل فى الأمر المحقق عنده فقد أثبت المكنى عنها بلا تخييل
(قوله: كالإنبات فى أنبت الربيع البقل) فقد شبه فيه الربيع بالفاعل الحقيقى تشبيها مضمرا فى النفس وقرينتها الإنبات
(قوله: والهزم فى هزم الأمير الجند) أى فشبه الأمير بالجيش استعارة بالكناية وإثبات الهزم- الذى هو من توابع الجيش له- قرينتها (قوله إلا أن هذا) أى: ما صرح به فى المفتاح فى بحث المجاز العقلى لا يدفع الاعتراض عن السكاكى أى:
لا يدفع الاعتراض عليه مطلقا؛ لأنه وإن دفع الاعتراض عليه بأن عدم الاستلزام باطل باتفاق- لا يدفع الاعتراض الآتى عليه وهو لزوم القول بالتعبية
(قوله: أمر وهمى) أى:
فيكون نطقت مستعملا فى غير ما وضع له؛ لأن ذلك الأمر الوهمى غير الموضوع له فيكون مجازا، ولا شك أن علاقته المشابهة للنطق فيكون استعارة، ولا شك أنه فعل، والاستعارة فى الفعل لا تكون إلا تبعية فقد اضطر إلى اعتبار الاستعارة التبعية.