للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(برعاية جهات حسن التشبيه) كأن يكون وجه الشبه شاملا للطرفين، والتشبيه وافيا بإفادة ما علق به من الغرض، ...

===

عليها من عطف الخاص على العام

(قوله: برعاية جهات حسن التشبيه) خبر عن حسن أى: حسن الاستعارة حاصل بملاحظة جهات أى: أسباب حسن التشبيه أى: بملاحظة الأسباب المحصلة لحسن التشبيه؛ لأن بقاءهما عليه فيتبعانه فى الحسن والقبح، فإذا روعيت تلك الجهات حصل حسن الاستعارة وإلا فات حسنها بفوات حسن أصلها

(قوله: كأن يكون وجه الشبه شاملا للطرفين) هذا بيان للجهات التى يحسن التشبيه بمراعاتها، والمراد بكون وجه الشبه شاملا للطرفين أن يكون متحققا فيهما وذلك كالشجاعة مثلا فى زيد والأسد، فإذا وجد وجه الشبه فى أحدهما دون الآخر فات الحسن كاستعارة اسم الأسد للجبان من غير قصد التهكم بعد تقرير تشبيهه به، وقد يقال: إن هذا الوجه من شروط الصحة لا من شروط الحسن، إذ لا تشبيه مع انتفاء الجامع، فالأولى إسقاط هذا أعنى قوله: كأن يكون التشبيه شاملا للطرفين، وجواب بعض أرباب الحواشى عن ذلك بأن المراد الشمول الحسى، إذ هو الشرط فى الحسن، وأما الذى يكون شرطا فى الصحة فمطلق الشمول الصادق بالادعائى لا وجه له؛ لأن الشمول الادعائى إن كان مقبولا كما فى التهكم فإنما قبل لكونه فى حكم الحسى فيكون شرط الصحة، وإلا فهو فاسد لانتفائه عن حكم الحسى فكيف يجعل الحسى من شروط الحسن مع أن الصحة إنما هى باعتباره كذا فى ابن يعقوب؟ ! وقرر شيخنا العلامة العدوى أن المراد بكون وجه الشبه شاملا للطرفين أن يكون متحققا فيهما على أنه جزء من مفهوم كل منهما أو لازم لهما، فإن وجد فى أحدهما بأن كان جزءا من مفهومه دون الآخر بأن كان لازما له فات الحسن وذلك كما فى استعارة الطيران للعدو فى قوله عليه الصلاة والسّلام: " كلما سمع هيعة طار إليها" (١)

والجامع قطع المسافة بسرعة فى كل وهو داخل فى مفهوم أحدهما ولازم للآخر على ما مر الشارح، وعلى هذا يندفع الاعتراض فتأمل.

(قوله: والتشبيه وافيا) أى: وأن يكون التشبيه موفيا بالغرض الذى علق به أى:

وقصد إفادته كبيان إمكان المشبه أو تشويهه أو تزيينه، وكغير ذلك مما مر فى بيان الغرض


(١) أخرجه مسلم في الإمارة (١٨٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>