للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحو ذلك (وألّا يشم رائحته لفظا) ...

===

من التشبيه، فإذا كان الغرض تزيين وجه أسود فيشبه بمقلة الظبى، ثم استعار له لفظ المقلة فهذا واف بالغرض، ولو شبه لإفادة هذا الغرض بالغراب واستعير لفظ الغراب له فات الحسن، وإذا كان الغرض إفادة تشويه وجه منقب بالجدرى فيشبه بالسلحة التى نقرتها الديكة، ثم يستعار له لفظها فهذا واف بالغرض، ولو شبه لإفادة هذا الغرض بشىء آخر منقب واستعير له لفظه فات الحسن

(قوله: ونحو ذلك) أى: مثل ذلك كون وجه الشبه غير مبتذل بأن يكون غريبا لطيفا لكثرة ما فيه من التفصيل، أو نادر الحضور فى الذهن كتشبيه الشمس بالمرآة فى كف الأشل، وتشبيه البنفسج بأوائل النار فى أطراف كبريت، ثم يستعار كل واحد منهما لما شبه به بخلاف تشبيه الوجه الجميل بالشمس، ثم يستعار له وتشبيه الشجاع بالأسد ثم يستعار له، فإن ذلك مما فات فيه الحسن لفوات حسن التشبيه فيه لعدم الغرابة لوجود الابتذال

(قوله: وألّا يشم رائحته إلخ) يشم بضم أوله مبنيا للمفعول من أشم ورائحته نائب الفاعل، وأما قول الشارح:

أى: وبألا يشم إلخ: فهو بفتح أوله وضم ثانيه مبنيا للفاعل.

(قوله: أى وبأن لا يشم إلخ) أشار بهذا إلى قول المصنف: وألّا يشم عطف على رعاية أى: حسن الاستعارة حاصل برعاية الجهات المحصلة لحسن التشبيه، وحاصل بعدم شمها رائحة التشبيه، وأشار بقوله: من جهة اللفظ إلى أن لفظا فى كلام المصنف نصب على التمييز وهو محول عن المضاف إليه أى: وألّا يشم شىء منها رائحة لفظ التشبيه، ويحتمل نصبه على نزع الخافض أى: ألّا يشم رائحة التشبيه بلفظ يدل عليه، وإنما قال لفظا؛ لأن شم التشبيه معنى موجود فى كل استعارة بواسطة القرينة؛ لأن الاستعارة لفظ أطلق على المشبه بمعونة القرينة بعد نقله عن المشبه به بواسطة المبالغة فى التشبيه فلا يمكن نفى إشمام الرائحة مطلقا أى: من جهة اللفظ والمعنى؛ لأن المعنى على التشبيه قطعا.

واعلم أن شم رائحة لفظ التشبيه إما أن يكون ببيان المشبه كما فى قوله تعالى:

حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (١) فإن قوله: من الفجر


(١) البقرة: ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>