ومنه اللغز، وجمعه: ألغاز؛ مثل: رطب وأرطاب (كما لو قيل) فى التحقيقية (رأيت أسدا، وأريد به إنسان أبخر) فوجه الشبه بين الطرفين خفى (و) فى التمثيل (رأيت إبلا مائة لا تجد فيها راحلة؛ وأريد به الناس) ...
===
إنما تكون الاستعارة إلغازا عند عدم إشمام رائحة التشبيه؛ لأن عدم الإشمام يبعد عن الأصل وخفاء الوجه يزيد ذلك بعدا، وإذا انتفى عدم إشمام الرائحة بوجود إشمامها فذلك مما يقرب إلى الأصل، لكن يفوت الحسن
(قوله: ومنه اللغز) بضم اللام وفتح الغين وهو المعنى الملغز فيه أو اللفظ المستعمل فى المعنى المذكور (وقوله: ومنه) أى: ومن هذا الفعل وهو ألغز فى كلامه أى: من مصدره
(قوله: وجمعه) أى: جمع اللغز (وقوله ألغاز) أى: بفتح الهمزة
(قوله: مثل رطب وأرطاب) أى: مثله فى وزن المفرد والجمع
(قوله: كما لو قيل فى التحقيقية) أى: التى خفى فيها وجه الشبه
(قوله: وأريد إنسان أبخر) أى: منتن رائحة الفم
(قوله: فوجه الشبه) أى: هو البخر بين الطرفين أى: الأسد والرجل المنتن الفم خفى أى: وحينئذ فلا ينتقل من الأسد مع القرينة المانعة من إرادة الأصل إلى الإنسان الموصوف بما ذكر، إذ لا ينتقل من الأسد مع القرينة المذكورة إلا إلى الإنسان الموصوف بلازم الأسد المشهور وهو الشجاعة، والانتقال إلى الرجل بدون الوصف لا يفيد فى التجوز
(قوله: مائة لا تجد فيها إلخ) يحتمل أن تكون جملة استئنافية أى: مائة منها لا تجد فيها راحلة فهى جواب عن سؤال مقدر، كأنه قيل على أى حال رأيتهم؟ فقيل: مائة منها لا تجد فيها راحلة، ويحتمل أن يكون مائة نعتا للإبل وما بعده وصف للمائة أى: إبلا معدودة بهذا القدر الكثير الموصوف بأنك لا تجد فيها راحلة
(قوله: وأريد) أى: بالإبل الموصوفة بالأوصاف المذكورة حال الناس من حيث عزة وجود الكامل مع كثرة أفراد جنسه، ولا شك أن وجه الشبه المذكور خفى، إذ لا ينتقل إلى الناس من الإبل من هذه الحيثية، وإنما كانت هذه استعارة تمثيلية؛ لأن الوجه منتزع من متعدد؛ لأنه اعتبر وجود كثرة من جنس وكون تلك الكثرة يعز فيها وجود ما هو من جنس الكامل، واعترض على المصنف فى التمثيل بما ذكر بأن الكلام إذا كان هكذا كان الخفاء فيه من عدم ذكر القرينة المانعة عن إرادة الأصل لا من جهة خفاء وجه الشبه،