للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليوافق ما ذكره فى تعريف الكناية، ولأن الكناية كثيرا ما تخلو عن إرادة المعنى الحقيقى للقطع بصحة قولنا: فلان طويل النجاد، وجبان الكلب، ومهزول الفصيل، وإن لم يكن له نجاد، ولا كلب، ولا فصيل. ومثل هذا فى الكلام أكثر من أن يحصى، وهاهنا بحث لا بد من التنبه له؛ وهو أن المراد بجواز إرادة المعنى الحقيقى فى الكناية هو أن الكناية ...

===

وهذا تناف، وحاصل ما أجاب به الشارح أن فى التفريع حذف مضاف، والأصل من جهة جواز إرادة المعنى منها مع إرادة لازمه

(قوله: ليوافق إلخ) أى: وإنما قدرنا ذلك المضاف لأجل أن يوافق كلامه هنا ما ذكره فى تعريف الكناية إذ لم يشترط فى تعريفها إلا جواز الإرادة لا وقوعها

(قوله: طويل النجاد) كناية عن طول القامة؛ لأنه يلزم من طول النجاد أى: حمائل السيف طول القامة

(قوله: وجبان الكلب) كناية عن الكرم؛ لأن جبن الكلب أى: عدم جراءته على من يمر به يستلزم كثرة الواردين عليه؛ لأن جبنه إنما نشأ من ذلك وكثرة الواردين عليه تستلزم كرم صاحبه

(قوله: ومهزول الفصيل) كناية عن الكرم أيضا؛ لأن هزال الفصيل يستلزم عدم وجود لبن فى أمه وهو يستلزم الاعتناء بالضيفان لأخذ اللبن من أمه وسقيه لهم وكثرة الضيفان تستلزم الكرم

(قوله: وإن لم يكن له نجاد إلخ) أى: وإذا صحت الكناية بنحو هذه الألفاظ ووقعت بها مع انتفاء أصل معناها لم يصدق أنه أريد بها المعنى الحقيقى، وإنما يصدق أنه يجوز أن يراد بها المعنى الحقيقى، فلو لم يرد الكلام إلى الجواز خرجت هذه الألفاظ عند انتفاء معانيها عن التعريف، فإن قلت: عند انتفاء معانيها الحقيقية لا يصدق الجواز أيضا؛ لأن معنى صحة الإرادة للشىء صحة صدق الكلام فى ذلك الشىء ولا صدق حالة الانتفاء، قلت: لا نسلم عدم الانتفاء ضرورة أن الموصوف بهذه الكناية يصح أن توجد له تلك الأمور بمعنى أنها جائزة فى حقه، وإذا جازت جاز الصدق بتقدير وجودها وإذا جاز الصدق جازت إرادة ما يصح فيه الصدق- نعم لو كانت هذه المعانى مستحيلة ورد ما ذكر

(قوله: ومثل هذا) أى: القول المتقدم فى عدم إرادة المعنى الحقيقى لعدم وجوده

(قوله: وهاهنا بحث) هذا جواب عما يقال: إن التعريف غير جامع؛ لأنه لا يشمل الكناية التى تمتنع فيها إرادة المعنى الحقيقى

و(قوله: وهاهنا بحث) أى: فائدة ينبغى التنبيه عليها،

<<  <  ج: ص:  >  >>