للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من حيث إنها كناية لا تنافى ذلك؛ كما أن المجاز ينافيه، لكن قد يمتنع ذلك فى الكناية بواسطة خصوص المادة؛ كما ذكره صاحب الكشاف فى قوله تعالى:

لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (١) أنه من باب الكناية؛ كما فى قولهم: مثلك لا يبخل؛ لأنهم إذا نفوه عمن يماثله، وعمن يكون على أخص أوصافه ...

===

وحاصلها اعتبار الحيثية فى التعريف، فقولهم فى تعريف الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته معه أى: من حيث إن اللفظ كناية، وأما من حيث خصوص المادة فقد يمتنع إرادة المعنى الحقيقى لاستحالته، والحاصل أن المراد بجواز إرادة المعنى الحقيقى فى الكناية هو أن الكناية من حيث إنها كناية- أى: لفظ أريد به لازم معناه بلا قرينة مانعة عن إرادة المعنى الحقيقى- لا تنافى جواز إرادة المعنى الحقيقى نعم قد تمتنع تلك الإرادة فى الكناية من حيث خصوص المادة لاستحالة المعنى، فجواز الإرادة من حيث إنها كناية- ومنعها من حيث خصوص المادة بتعريف الكناية- صادق على هذه الصورة أيضا

(قوله: من حيث إنها كناية) أى: لا من حيث خصوص المادة

و(قوله: لا تنافى ذلك) أى إرادة المعنى الحقيقى،

و(قوله: كما أن المجاز ينافيه) تنظير فى المنفى.

(قوله: لكن قد يمتنع ذلك) أى إرادة المعنى الحقيقى وهذا الاستدراك مفهوم الحيثية السابقة فكان الأنسب أن يقول: وأما من حيث خصوص المادة فقد يمتنع فى الكناية ذلك، إذ لا وجه للاستدراك

(قوله: من باب الكناية) أى: من حيث إن سلب الشيئية عن مثل مثله يستلزم سلبها عن مثله والإلزام التحكم فى نفى الشيئية عن أحد المثلين دون الآخر

(قوله: كما فى قولهم مثلك لا يبخل) هذا نظير للآية من حيث إن كلا كناية؛ لا من حيث امتناع إرادة المعنى الحقيقى مع لازمه، ويحتمل أن يكون نظيرها فى ذلك أيضا؛ لأن القصد من قولهم: مثلك لا يبخل نفى البخل عن المخاطب، ولا يصح أن يراد نفى البخل عن مثله أيضا؛ لأن إثبات مثله للمخاطب نقص فى المدح- كذا قرر شيخنا العدوى

(قوله: لأنهم إذا نفوه) أى: البخل وقوله: عمن يماثله أى: عمن يماثل المخاطب

(قوله: وعمن يكون على أخص أوصافه) أى: على


(١) الشورى: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>