للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقد نفوه عنه؛ كما يقولون بلغت أترابه؛ يريدون بلوغه، فقولنا: ليس كالله شىء، وقولنا: ليس كمثله شىء- عبارتان متعاقبتان على معنى واحد؛ وهو نفى المماثلة عن ذاته؛ لا فرق بينهما إلا ما تعطيه الكناية من المبالغة، ولا يخفى هاهنا امتناع إرادة الحقيقة؛ وهو نفى المماثلة عمن هو مماثل له، وعلى أخص أوصافه ...

===

أوصافه الخاصة ملتبسا بها كالعلم والكرم لا العامة كالحيوانية أو الناطقية وهذا العطف تفسيرى؛ لأن المماثل هو من كان مشاركا فى الأوصاف الخاصة كلها

(قوله: فقد نفوه) أى البخل عنه أى: عن المخاطب وإلا لزم التحكم فى نفى الشىء عن أحد المثلين دون الآخر

(قوله: بلغت أترابه) جمع ترب بكسر التاء أى: أقرانه فى السن بأن يكون ابتداء ولادة الجميع فى زمن واحد وقوله: بلغت أترابه أى: بالسن

(قوله: يريدون بلوغه) أى: يريدون بلوغه بالسن فإنه يلزم من بلوغ أقرانه بالسن بلوغه بالسن وإلا لزم التحكم- اه. سم

(قوله: متعاقبتان على معنى واحد) أى: واردتان على معنى واحد على وجه المعاقبة والبدلية- فنفى المماثلة عن ذاته تعالى- تارة يؤدى بالعبارة الأولى على وجه الصراحة وتارة يؤدى بالعبارة الثانية على وجه الكناية؛ وذلك لأن مؤداها بالمطابقة نفى أن يكون شىء مماثلا لمثله، ويلزم من نفى كون الشىء مماثلا لمثله نفى كونه مماثلا له تعالى، إذ لو كان ثم مماثلا له تعالى كان الله مماثله لمثله ضرورة أن ما ثبت لأحد المثلين فهو ثابت للآخر وإلا افترقت لوازم المثلين فثبت أن مفاد العبارتين واحد

(قوله: إلا ما تعطيه الكناية) أى: وهى العبارة الثانية

و(قوله: من المبالغة) أى: لإفادتها المعنى بطريق اللزوم الذى هو كادعاء الشىء ببينة، ولما كانت الكناية أبلغ من الحقيقة كان قوله:

ليس كمثله شىء أوكد فى نفى المثل من ليس كالله شىء

(قوله: ولا يخفى هاهنا) أى:

فى الآية وهذا محل الشاهد من نقل كلام صاحب الكشاف استدلالا على قوله: لكن قد يمتنع إلخ، وإنما امتنع فى الآية إرادة الحقيقة لاستحالة ثبوت مماثلته- ا. هـ سم.

فإن قلت: حيث كان يمتنع فى الآية إرادة المعنى الحقيقى لاستحالته فما المانع من جعل الآية من قبيل المجاز المرسل وقرينته حالية وهى استحالة إرادة المعنى الحقيقى ولا تكون من قبيل الكناية؟ قلت: لعلهم جعلوا الآية من قبيل الكناية لا من قبيل المجاز المرسل

<<  <  ج: ص:  >  >>