للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكون من قبيل: لى من فلان صديق حميم فلا يكون قسما آخر (وفيه نظر) لحصول التجريد وتمام المعنى بدون هذا التقدير (ومنها) ما يكون بطريق الكناية (نحو قوله:

يا خير من يركب المطىّ ولا ... يشرب كأسا بكفّ من بخلا (١)

===

معا فى مادة قصدا، والحاصل أن التنافى إنما يأتى لو كان المقام مقتضيا لهما بجهة واحدة وأما اجتماعهما فى مادة كل واحد باعتبار فلا ضرر فيه

(قوله: على ما ذكرنا) فيه أنه لم يتعرض لعدم المنافاة سابقا فالأولى لا ينافى التجريد بالمعنى المذكور، وقد يجاب بأن المراد على مقتضى ما ذكرنا من تعريف التجريد كما مر

(قوله: فيكون من قبيل لى من فلان صديق حميم) أى: فيكون مثله من جهة أن من داخلة على المنتزع منه فى كل، وذلك لأن المقدر كالمذكور

(قوله: وفيه نظر) أى: وفى هذا القيل نظر

(قوله: لحصول التجريد وتمام المعنى بدون هذا التقدير) أى: ومن المعلوم أن تقدير شىء زائد فى الكلام إنما يحتاج إليه عند عدم تمام المعنى بدونه وإنما كان هذا الكلام يفهم منه أن المتكلم جرد من نفسه كريما آخر بلا تقدير المجرور بمن لأنه عادل بين كونه يحوى الغنائم أو يموت الكريم، والجارى على الألسن أن يقال: لا بد لى من الغنيمة أو الموت فيفهم منه أن المراد بالكريم نفسه، والمدح المستفاد من التعبير بلفظ الكريم يقتضى المبالغة المصححة للتجريد.

(قوله: ومنها ما يكون بطريق الكناية) أى: مصحوبا بطريق الكناية أى: تجريد معه كناية بأن ينتزع المعنى ثم يعبر عنه بكناية كما أنه يعبر عنه بصريح

(قوله: نحو قوله) أى: قول الشاعر وهو الأعشى

(قوله: المطى) جمع مطية وهى المركوب من الإبل

(قوله: ولا يشرب كأسا بكف من بخلا) أى: بكف من هو موصوف بالبخل، وحاصله أن ذلك الممدوح وهو المخاطب من أهل الشرب والشأن أن الإنسان يشرب بكف نفسه، فانتزع الشاعر من ذلك الممدوح شخصا كريما يشرب من كفه الممدوح مبالغة فى كرمه، فصار الأصل ويشرب بكف كريم ثم عبر عن ذلك المعنى بالكناية بأن أطلق اسم


(١) البيت للأعشى، وهو فى تلخيص علوم البلاغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>