للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها ما تضمن نوعا حسنا من التخييل كقوله (١) عقدت سنابكها) أى حوافر الجياد (عليها) يعنى فوق رءوسها (عثيرا) بكسر العين أى غبارا ...

===

ولصلاحية قدرة المولى لذلك، اللهم إلا أن يراد بالاستحالة العقلية الاستحالة فى عقول العامة تأمل.

(قوله: ومنها ما تضمن نوعا حسنا من التخييل) أى: ومن أصناف الغلو المقبولة الصنف الذى تضمن نوعا حسنا من تخييل الصحة وتوهمها، لكون ما اشتمل على الغلو يسبق إلى الوهم إمكانه لشهود شىء يغالط الوهم فيه فيتبادر صحته، كما يذاق من المثال، وقيد المصنف بقوله حسنا إشارة إلى أن تخييل الصحة لا يكفى وحده، إذ لا يخلو عنه محال حتى إخافة النطف فيما تقدم، وإنما المعتبر ما يحسن لصحة مغالطة الوهم فيه، بخلاف ما يبدو انتفاؤه للوهم بأدنى التفات كما فى إخافة النطف، فليس التخييل فيه على تقدير وجوده فيه حسنا فلا يقبل لعدم حسنه، أ. هـ. يعقوبى.

(قوله: كقوله) أى: الشاعر وهو أبو الطيب المتنبى

(قوله: سنابكها) جمع سنبك وهو طرف مقدم الحافر، فقول الشارح أى حوافر الجياد أى أطراف مقدم حوافر الخيل الجياد

(قوله: عثيرا) مفعول عقدت (وقوله بكسر العين) أى وسكون الثاء المثلثة وفتح الياء المثناة من تحت وتمام البيت كما يأتى.

... ... لو تبتغى عنقا عليه لأمكنا

أى لو تريد تلك الجياد سيرا مسرعا على ذلك العثير لأمكن ذلك العنق أى السير، ادعى أن الغبار المرتفع من سنابك الخيل قد اجتمع فوق رءوسها متراكما متكاثفا، بحيث صار أرضا يمكن أن تسير عليه الجياد، وهذا ممتنع عقلا وعادة لكنه يخيل للوهم تخييلا حسنا من ادعاء كثرته وكونه كالأرض التى فى الهواء صحته فلا يحيله حتى يلتفت إلى القواعد فصار مقبولا، ولقائل أن يقول إن الاستحالة هنا إنما هى عادية لإمكان مشى الخيل وعنقها فى الهواء والريح، فضلا عما إذا وجد جسم آخر معه كالغبار، وأجيب بما تقدم من أن المراد بالاستحالة العقلية الاستحالة ولو فى عقول العامة فتأمل.


(١) البيت للمتنبى فى ديوانه ١/ ١٩٧ والإشارات والسنابك: حوافر الخيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>