للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ما مدحتهم، أحكّم فى أموالهم) أتصرف فيها كيف شئت (وأقرّب) عندهم وأصير رفيع المرتبة (كفعلك) أى كما تفعله أنت (فى قوم أراك اصطفيتهم، وأحسنت إليهم (فلم ترهم فى مدحهم لك أذنبوا) أى لا تعاتبنى على مدح آل جفنة المحسنين إلى والمنعمين على كما لا تعاتب قوما ...

===

هذا إشارة إلى مدح هؤلاء الملوك بالتواضع أى: فى ذلك المكان ملوك لاتصافهم برفعة الملك وإخوان بالتواضع أى: أنهم مع اتصافهم برفعة الملك يصيرون الناس إخوانا لهم ويعاملونهم معاملة الإخوان بسبب تواضعهم، فاندفع بذلك التقرير ما يقال: إن وصفهم بالأخوة ينافى وصفهم بالملوك للعلم بأن المادح ليس بملك مثلهم فكونهم ملوكا لا يناسب كونهم اخوانا للمادح

(قوله: إذا ما مدحتهم) ما زائدة، وقوله أحكم: بضم الهمزة وتشديد الكاف أى: أجعل حاكما فى أموالهم ومتصرفا فيها بما شئت أخذا وتركا، وقوله وأقرب أى: بالتوقير والتعظيم والإعطاء

(قوله: كفعلك أى: كما تفعله أنت فى قوم أراك اصطفيتهم) أى: اخترتهم لإحسانك، (وقوله: فلم ترهم فى مدحهم لك أذنبوا) أى: فلم تعدهم مذنبين فى مدحهم إياك، وأورد العلامة يس على ما ذكر من الاستدلال ما حاصله أن قوله اصطفيتهم فلم ترهم فى مدحهم لك أذنبوا: يقتضى أنه قدم الإحسان لمادحيه، وقوله إذا ما مدحتهم أحكم فى أموالهم: يقتضى تقدم المدح على الإحسان ولا يلزم من تسليم كون المدح المترتب على الإحسان أنه لا ذنب فيه تسليم أن المدح ابتداء لأجل التوصل للإحسان لا ذنب فيه، إذ يصح أن يعاتب على الابتداء بالمدح ولا يعاتب على كونه مكافأة وحينئذ فلم يتم الاستدلال فلو قال الشاعر ملوك حكمونى فى أموالهم فمدحتهم كفعلك فى قوم إلخ لكان أحسن، وأجيب بأن المراد بقوله كفعلك فى قوم إلخ أنك اصطفيتهم بسبب مدحهم إياك، وأحسنت إليهم بسبب المدح فمدحهم له صدر أولا قبل إحسانه لهم، وقوله فلم ترهم فى مدحهم لك أذنبوا أى: فلم تعدهم مذنبين فى مدحهم لك، إذ لو كان مدحهم لك ذنبا لما كافأت عليه بالإحسان إليهم، وحينئذ فمدح القوم للمخاطب سابق على إحسانه كما أن مدح الشاعر لهؤلاء الملوك سابق على إحسانهم، وقد سلم المخاطب أن مدح القوم للمخاطب

<<  <  ج: ص:  >  >>