للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحسنت إليهم فمدحوك فكما أن مدح أولئك لا يعد ذنبا كذلك مدحى لمن أحسن إلى وهذه الحجة على طريق التمثيل ...

===

الذى ترتب عليه إحسانه لهم ليس ذنبا فيلزم أن يكون مدح الشاعر لهؤلاء الملوك الذى ترتب عليه إحسانهم له غير ذنب، وحينئذ فتم الاستدلال واندفع الإشكال، والحاصل أن الشاعر يقول للنعمان لا تعاتبنى على مدحى آل جفنة المحسنين إلى كما لا تعاتب قوما مدحوك فأحسنت إليهم، لأن سبب نفى العتاب وهو كون المدح لأجل الإحسان موجود فى كما وجد فيمن لم تعاتبهم

(قوله: أحسنت إليهم فمدحوك) لو قال مدحوك فأحسنت إليهم كان أولى لما قلناه، وأورد العلامة يس بحثا آخر، وحاصله أنه لا يوجد أحد يرى مادحه لأجل إحسانه مذنبا ولا يعاتبه على ذلك وكون الإنسان لا يعاتب من مدحه لطلب إحسانه لا يستلزم أن لا يعاتب من مدح غيره لطلب إحسان ذلك الغير، وحينئذ فلم يتم الاستدلال فكان ينبغى للشاعر أن يقول: فلم يرهم غيرك مذنبين بمدحهم لك أى: فلأى شىء ترانى مذنبا بمدحى لغيرك، وأجيب بأن المراد بقوله فلم يرهم فى مدحهم لك أذنبوا لم يرهم أحد مذنبين فى مدحك وأنت من جملة من لم يرهم مذنبين فعبر عن ذلك العموم بالخطاب والمراد العموم، كما يقال لا ترى فلانا إلا مصليا أى: لا يراه أحد إلا مصليا أنت وغيرك وإذا كان الناس لا يرون أن مادح المخاطب لأجل إحسانه مذنبا لزم أنهم لا يرون الشاعر مذنبا لمدحه آل جفنة لإحسانهم، لأن سبب نفى العتاب موجود فى كل، وحينئذ فلا وجه لكون المخاطب يرى الشاعر مذنبا لمدحه لهم

(قوله: وهذه الحجة) الظاهر أن هذا اعتراض على المصنف حيث مثل بهذه الأبيات للمذهب الكلامى مع أن المذهب الكلامى هو إيراد حجة للمطلوب على طريقة أهل الكلام بأن يذكر قياس اقترانى أو استثنائى مستلزم للمطلوب إذا سلمت مقدماته فالمذهب الكلامى من أنواع القياس والمذكور هنا من قبيل التمثيل الأصولى وهو إلحاق معلوم بمعلوم فى حكمه لمساواته له فى علة الحكم وهو قسيم للقياس عند علماء الميزان فكما يقال: إن البر ربوى لكونه مقتاتا فكذلك الأرز ربوى لكونه مقتاتا يقال هنا كذلك، كما أن مدح المخاطب لا عتاب فيه لكونه للإحسان كذلك مدح

<<  <  ج: ص:  >  >>