للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كقوله:

ما به قتل أعاديه ولكن ... يتّقى إخلاف ما ترجو الذّئاب (١)

فإن قتل الأعداء فى العادة لدفع مضرتهم) وصفو المملكة عن منازعاتهم (لا لما ذكره) من أن طبيعة الكرم قد غلبت عليه ومحبة صدق رجاء الراجين بعثته على قتل أعدائه لما علم من أنه إذا توجه إلى الحرب صارت الذئاب ترجو اتساع الرزق عليها بلحوم من يقتله من الأعادى وهذا مع أنه وصف بكمال الجود وصف بكمال الشجاعة حتى ظهر ذلك للحيوانات العجم (والثانية) أى الصفة الغير الثابتة

===

(قوله: كقوله) أى: الشاعر وهو أبو الطيب المتنبى

(قوله: ما به قتل أعاديه) ما نافية أى: ليس بالممدوح غيظ أو خوف أوجب قتل أعاديه، لأنه ليس طائعا للغيظ ولا تستفزه العداوة على القتل لحكمه على نفسه وغلبته إياها ولا خائفا من أعدائه لتمكنه بسطوته منهم

(قوله: ولكن يتقى) أى: ولكن حمله على قتلهم أنه يتقى أى: يتجنب بقتلهم إخلاف الأمر الذى ترجوه الذئاب منه إطعامهم لحوم الأعداء؛ لأنه لو لم يقتلهم لفات هذا المرجو للذئاب، فالعلة تجنب إخلاف مرجو الذئاب المستلزم لتحقق مرجوهم فالعلة تحقيق مرجوهم

(قوله: فإن قتل الأعداء إلخ) أى: قتل الملوك للأعداء وهذا علة لمحذوف أى: وإنما قلنا إن الصفة هنا ظهرت لها علة أخرى؛ لأن الصفة المعللة هنا هى قتل الأعداء وقتل الملوك أعداءهم إنما يكون فى العادة لدفع مضرتهم

(قوله: وصفو) أى:

خلو المملكة عن منازعتهم لا لما ذكره من أن طبيعة الكرم قد غلبت عليه فصارت محبته لتحقق رجاء الراجين لكرمه تبعثه على قتل الأعداء ومن جملة الراجين لكرمه الذئاب؛ لأنه عودها إطعامها لحوم الأعداء

(قوله: صدق) أى: تحقق رجاء أى: مرجو الراجين أى: إطعامهم من لحوم الأعداء

(قوله: لما علم إلخ) فالعلة هنا فى الصفة التى هى قتل الأعادى وهى تحقق ما ترجاه الذئاب غير مطابقة للواقع

(قوله: وهذا) أى: ما تضمنه البيت وهو إنقاؤه إخلاف ما ترجوه الذئاب مع كونه وصفا للممدوح بكمال الجود فيه


(١) لأبى الطيب المتنبى فى شرح ديوانه ١/ ١٤٤، والأسرار ص ٣٣٧ والإشارات ص ٢٨١، وشرح التبيان للعكبرى ١/ ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>